ووجوب القضاء بعده، وملخص ما قاله: إنا وجدنا أشياء من الفرائض المؤقتة بوقت معين، وأشياء منها غير مؤقتة بوقت يزول فرضها بالضرورة، وإن كان لا يخاف فوت وقتها، وقد تساوى فيها ما يخاف فوت وقتها وما لم يخف، فالنظر على ذلك أن تكون العمرة كذلك، وإن كان لا يخاف فوت وقتها لعدم وقت معين لها؛ فيباح فيها في حالة الضرورة ما يباح في غيرها كذلك مما له وقت معلوم، وهذا حاصل وجه هذا النظر، والله أعلم.
ص: ثم تكلم الناس بعد هذا في المحصر إذا نحر هديه، هل يحلق رأسه أم لا؟
فقال قوم: ليس عليه أن يحلق؛ لأنه قد ذهب عنه النسك كله، وممن قال ذلك: أبو حنيفة ومحمد -رحمهم الله-.
وقال آخرون: بل يحلق، فإن لم يحلق حل ولا شيء عليه، وممن قال ذلك: أبو يوسف.
وقال أخرون: يحلق ويجب ذلك عليه كما يجب على الحاج والمعتمر.
ش: أي ثم تكلم الناس بعد اختلافهم في المحرم بعمرة إذا أحصر مطلقًا هل يحل بنحر الهدي أم يقيم على إحرامه أبدًا كما مر؟ وهل يحلق رأسه أم لا بعد نحر هديه؟
فقال قوم وهم سفيان الثوري والنخعي والشافعي: ليس عليه أن يحلق؛ لأنه قد ذهب عنه النسك كله، وممن قال بذلك: أبو حنيفة ومحمد.
وقال آخرون أي قوم آخرون وهم: عطاء بن أبي رباح وأبو ثور والشافعي -في قول-: بل يحلق؛ لأنه -عليه السلام- حلق، فإن لم يحلق حل ولا شيء عليه؛ لأنه قد كان حل بنحر الهدي، فإذا حلق بعده صار حلقه وهو حلال فلا شيء عليه، وممن قال بذلك: أبو يوسف.
وقال آخرون أي قوم آخرون، وهم: مالك وأحمد وإسحاق والشافعي -في قول-: يحلق، ويجب عليه الحلق كما يجب على الحاج والمعتمر.