حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا عكرمة بن عمار، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:"خرجنا مع رسول الله -عليه السلام- في غزوة تبوك، فنزل ثنية الوداع، فرأى مصابيح ونساء يبكين، فقال: ما هذا؟! فقيل: نساء تمتع بهن أزواجهن وفارقوهن، فقال: إن الله حرم أو هدر المتعة بالطلاق والنكاح والعدة والميراث".
ففي هذه الآثار تحريم رسول الله -عليه السلام- المتعة بعد إذنه فيها وإباحته إياها؛ فثبت بما ذكرنا نسخ ما في الآثار الأول التي ذكرناها في أول الباب.
ش: أشار بهذه الآثار إلى الأحاديث التي رواها عن علي، وابن عمر -رضي الله عنهما- بطرقها، وقد ذكرنا أن هذه الأحاديث يحتمل أن تكون متأخرة، فتكون أحاديث الإِباحة منسوخة، فلما نظرنا في الآثار وجدنا أحاديث عن سبرة الجهني، وسلمة بن الأكوع، وأبي هريرة -رضي الله عنهم- تدل على أنها نسخت أحاديث الإِباحة وهو معني قوله:"ففي هذه الآثار تحريم رسول الله -عليه السلام- المتعة بعد إذنه فيها وإباحته إياها" أي: المتعة، فثبت بما ذكرنا يعني من أحاديث هؤلاء الصحابة نسخ ما في الآثار الأُوَل، وهي أحاديث عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع المذكورة في أول الباب، التي احتج بها أهل المقالة الأولى، وإنما قال: إن هذه الأحاديث نسخت الأحاديث الأُول؛ لأن في حديث سبرة يصرح بأن النهي كان في حجة الوداع، فدل ذلك على النسخ قطعًا، وذكر في حديث أبي هريرة أنه كان في غزوة تبوك، وكانت سنة تسع من الهجرة، وفي "الإِحكام" لابن بزيزة: اختلفت الأحاديث والآثار في الوقت الذي وقع فيه تحريمه، ففي بعض الروايات أن النبي -عليه السلام- حرم ذلك يوم خيبر، وفي بعضها يوم الفتح، وفي بعضها في غزوة تبوك، وفي بعضها في حجة الوداع، وفي بعضها في عمرة القضاء، وفي بعضها عام أوطاس.
قلت: وكذا اختلفت الرواية في كتاب مسلم في النهي عن المتعة وإباحتها، ففيه أن النبي -عليه السلام- نهى عن ذلك يوم فتح مكة، وفيه أنه نهى عن ذلك يوم خيبر، وفيه من