للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس: أن للرجل الاستمتاع بامرأته طاهرةً مطلقًا، بالجماع في فرجها والمباشرة فيما فوق الإزار وتحتها بلا خلاف، فإذا حاضت حرم عليه الجماع ولكن حلَّ له الاستمتاع بما فوق الإزار بلا خلاف، واختلافهم فيما تحت الإزار؛ فأباحه بعضهم -وهم أهل المقالة الثانية- فجعلوا حكمه حكم ما فوق الإزار، ومنعه بعضهم -وهم أهل المقالة الأولى- وجعلوا حكمه كحكم الجماع في الفرج، فلما اختلفوا هذا الاختلاف نظرنا فيه، فوجدنا المختلف فيه أشبه بحكم ما فوق الإزار فألحقناه به في أن حكمه حكم الجماع فوق الإزار لا حكم الجماع في الفرج، ووجه المشابهة الذي هو الجامع: ما ذكره.

قوله: "وبه نأخذ". أي: وبِقَوْل محمدٍ نأخذ، نبَّه به على أنه اختار قول محمد في هذا الباب.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: ثم نظرت بعد ذلك في هذا الباب وفي تصحيح الآثار فيه، فإذا هي تدل على ما ذهب إليه أبو حنيفة لا على ما ذهب إليه محمد بن الحسن، وذلك أنَّا وجدناها على ثلاثة أنواع:

فنوعٌ منها ما روي عن رسول الله -عليه السلام-: "أنه كان يباشر نساءه وهنّ حُيَّض فوق الإزار" فلم يكن في ذلك دليل على منع الحيض من المباشرة تحت الإزار لما قد ذكرناه في موضعه من هذا الباب.

ونوعٌ منها وهو ما روى عُمير مولى عمر، عن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه السلام-[على] (١) ما قد ذكرناه في موضعه، فكان في ذلك منعٌ من جماع الحيَّض تحت الإزار؛ لأن ما فيه من كلام رسول الله -عليه السلام-، وذِكْره ما فوق الإزار فإنما هو جوابٌ لسؤال عمر -رضي الله عنه- إياه "ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضًا؟ فقال له: ما فوق الإزار" فكان ذلك جواب سؤاله لا نقصان فيه ولا تقصير.


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>