للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: ما روي عن عائشة وميمونة -رضي الله عنهما-: "أنه كان يباشر نساءه وهنَّ حيَّض فوق الإزار" فهذا لا دليل فيه على منع الحيَّض من المباشرة تحت الإزار؛ لما قد ذكرنا أن فعله -عليه السلام- هذا لا يستلزم عدم جواز المباشرة تحت الإزار.

النوع الثاني: ما رواه عمير مولى عمر بن الخطاب، عن عمر -رضي الله عنه- وفيه المنع من المباشرة تحت الإزار؛ لأن فيه أن عمر سأل رسول الله -عليه السلام-: ما للرجل من امرأته إذا حاضت؟ وأجاب رسول الله -عليه السلام- بقوله: "له منها ما فوق الإزار" فدل على منع ما تحت الإزار؛ إذ لو لم يدل على ذلك لم يكن الجواب مطابقًا للسؤال، وأشار إلى ذلك بقوله: "فكان ذلك جواب سؤاله لا نقصان فيه ولا تقصير". أي فكان قوله -عليه السلام-: "له منها ما فوق الإزار" جواب سؤال -عمر -رضي الله عنه-- حين سأله: ما للرجل من امرأته إذا حاضت؟ جوابًا مطابقًا لسؤاله مقنعًا، لا نقصان فيه للإقناع ولا تقصير فيه للتطابق.

النوع الثالث: ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عنه -عليه السلام-: "اصنعوا كل شيء ما خلا الجماع " ففيه إباحة المباشرة ما فوق الإزار وما تحتها دون الفرج، وهو معنى قوله: "فذلك نص على أنه مبيح لإتيان الحيَّض دون الفرج وإن كان تحت الإزار".

والحُيَّض -بضم الحاء وتشديد الياء- جمع حائض.

فهذه ثلاثة أقسام يجب تصحيح معانيها على وجه يقع التطابق فيها ويرتفع الخلاف، وأشار إلى ذلك بقوله: "فأردنا أن ننظر أيَّ هذين النوعين تأخر عن صاحبه" وأراد بهما حديث عمر وحديث أنس، وإنما عيَّن النوعين الأخيرين؛ لأن النوع الأول داخل في النوع الثالث في الحقيقة، ثم بيان ذلك أن يقال: إن بين حديثي عمر وأنس تعارضًا ظاهرًا على ما لا يخفى، ودفعه بأن يقال: إن حديث عمر -رضي الله عنه- ناسخ لحديث أنس -رضي الله عنه- بيان ذلك: أن حديث أنس فيه إخبار عما كانت اليهود تفعل مع الحيَّض، وقد كان -عليه السلام- يحبُّ موافقة أهل الكتاب في الذي لم يؤمر فيه بخلافهم. روى ذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- وقد ذكر ذلك في كتاب الجنائز، وأيضًا فالله تعالى أمر نبينا -عليه السلام- أن يتبع من تقدَّمَه من الأنبياء -عليهم السلام-

<<  <  ج: ص:  >  >>