للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البيهقي: وأكثر الروايات عن ابن عمر: "أن النبي -عليه السلام- أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك". فإن كانت الرواية عن سالم ونافع وابن دينار في أمره أن يراجعها حتل تطهر ثم تحيض ثم تطهر محفوظة؛ فقد قال الشافعي -رحمه الله-: يحتمل أن يكون إنما أراد بذلك الاستبراء أن يكون يستبرئها بعد الحيضة التي طلقها فيها بطهر تام، ثم حيض تام ليكون تطليقها وهي تعلم عدتها الحمل هي أم الحيض؟ أو ليكون تطليقها بعد علمه يحمل وهو غير جاهل ما صنع، أو يرغب فيمسك للحمل، أو ليكون إن كانت سألت الطلاق غير حامل أن تكف عنه حاملًا.

وقال غيره: عاقبه بتأخير الطلاق جزاءً بما فعله في المحرم عليه، وفي هذا نظر؛ لأن ابن عمر لم يكن ليعلم الحكم ولا تحقق التحريم فتعمد ركوبه، وحاشاه من ذلك فلا وجه لعقوبته.

وقيل: إن الطهر الذي بعد الحيض والحيضة قبله الموقع فيها الطلاق كالقرء الواحد، فلو طلق فيه لصار كموقع طلقتين في قرء واحد، وهذا ليس هو طلاق السُنَّة.

وقيل: إنما أمره بالتأخير؛ لأن الطهر الذي يلي الحيضة الموقع الطلاق فيها ينبغي أن ينُهى عن الطلاق فيه حتى يطأ فيه فتتحقق الرجعة؛ لئلا يكون إذا طلق فيه قبل أن يمس كمن ارتجع الطلاق لا للنكاح، وفي هذا نظر؛ فإنه يوجب أن يُنهى عن الطلاق قبل الدخول؛ لئلا يكون نكح أيضًا للطلاق لا للنكاح.

وقيل: إنما نُهي عن الطلاق في هذا الطهر ليطول مقامه معها، والظن من ابن عمر أنه لا يمنعها حقها من الوطء حينئذٍ وتفويت ما في نفسه من الكراهية وأمسكها، ويكون ذلك حرصًا على ارتفاع الطلاق وحضًّا على استقرار الزوجية.

<<  <  ج: ص:  >  >>