للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: عن عبد الحميد بن عبد العزيز أبي خازم -بالمعجمتين- القاضي، أحد فقهاء الدنيا واحد الأئمة الحنفيَّة الكبار، الثقة الثبت، عن أحمد بن منصور بن سيَّار الرمادي شيخ ابن ماجه وأبي عوانة الإِسفراييني، عن عبد الرزاق ... إلى آخره.

وأخرجه البيهقي (١) وغيره من حديث عبد الرزاق نحوه.

قوله: "أناة" بفتح الهمزة أي مهلة وبقية استمتاع وانتظار للرجعة. وفي "المطالع": الأناة -بالفتح والقصر- وهو الثبت في الأمور وترك العجلة. والثاني هو المكث والإبطاء، يقال: أَنَيْتُ وأَنَّيْتُ -مشددًا- وتَأَنَّيت.

قوله: "فخاطب عمر بذلك" أي بهذا القول الناس جميعًا، والحال أن فيهم أصحاب رسول الله -عليه السلام-.

قوله: "فكان ذلك" أي رضاهم كلام عمر وعدم ردهم إياه أكبر الحجة؛ لأنه صار إجماعًا، والإجماع من أقوى الحجج؛ بدليل قوله -عليه السلام-: "لا تجتمع أمتي على الضلالة" (٢) ولا سيما هؤلاء السادات من الصحابة -رضي الله عنهم- ومثل عمر بينهم.

قوله: "في نسخ ما تقدم من ذلك" أي من حديث ابن عباس.

فإن قيل: ما وجه هذا النسخ وعمر -رضي الله عنه- لا ينسخ؟! وكيف يكون النسخ بعد النبي -عليه السلام-؟! ولو كان عمر نسخ ذلك لبادرت الصحابة إلى إنكار ذلك عليه، وإن كان يراد أنه نسخ في حياة النبي -عليه السلام- فهو إرادة صحيحة ولكنه يُلزم المحذور من وجه آخر؛ وهو أنه يخرج عن ظاهر الخبر في قوله: "كان على عهد النبي -عليه السلام- وأبي بكر"؛ لأنه إذا نسخ في عهد النبي -عليه السلام- لم يصدق الراوي فيما قال.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٧/ ٣٣٦ رقم ١٤٧٤٩).
(٢) أخرجه الترمذي (٤/ ٤٦٦ رقم ٢١٦٧)، والحاكم في "مستدركه" (١/ ١٩٩ رقم ٣٩١) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-.
ورواه أحمد في "مسنده" (٦/ ٣٩٦ رقم ٢٧٢٦٧) من حديث أبي بصرة الغفاري، ورواه ابن ماجه في "سننه" (٢/ ١٣٠٣ رقم ٣٩٥٠) وغيره من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>