للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قد ذكرنا لك أن هذا بخطاب عمر للصحابة قد كان إجماعًا، والنسخ بالإجماع جوّزه بعض مشايخنا بطريق أن الإجماع يوجب علم اليقين كالنص، فيجوز أن يثبت النسخ به، والإجماع في كونه حجة أقوى من الخبر المشهور، فإذا كان النسخ يجوز بالخبر المشهور في الزيادة على النص، فجوازه بالإجماع أولى، وقد اعترض بعضهم بأن إجماعهم على النسخ من تلقاء أنفسهم لا يجوز في حقهم؛ لأنه يكون إجماعًا على الخطأ وهم معصومون من ذلك.

وأجيب عن ذلك بأنه قد يحتمل أن يكون ظهر لهم نص أوجب النسخ ولم ينقل إلينا ذلك.

وقد أجاب الناس عن حديث ابن عباس بأجوبة غير ذلك منها: ما قال أحمد بن حنبل: إن رواية ابن عباس هذه مدفوعة برواية الناس عنه من وجوه بخلاف ذلك، وقال: كل أصحاب ابن عباس رووا عنه خلاف ما روى عنه طاوس.

وقال البيهقي: فلذلك ترك البخاري رواية هذا الحديث؛ لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس، أنه أجاز الطلاق وأمضاه، وقال بعضهم: هذا الحديث في غير المدخول بها، وذهب إلى هذا جماعة من أصحاب ابن عباس -رضي الله عنهما-، ورأوا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها؛ لأنها بالواحدة تبين، فإذا قال: أنتِ طالق بانت، وقوله: ثلاثًا كلام وقع بعد البينونة فلا يُعتد به، وقال بعضهم: المراد به: أنه كان المعتاد في زمن النبي -عليه السلام- تطليقة واحدة، وقد اعتاد الناس الآن التطليق بالثلاث.

وقال أبو العباس أحمد بن سريج جوابًا آخر قد ذكرناه في باب الرجل يطلق امرأته وهي حائض؛ فليعاود هناك.

وقال الجصاص: حديث ابن عباس هذا منكر على ما قيل.

قلت: قاله الطحاوي هكذا في غير هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>