للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "من ذلك تدوين الدواوين". الدواوين: جمع ديوان، وهو الكتاب الذي يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطيّة، وأول من دوَّان الدواوين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. والديوان أصله دوَّن -بتشديد الواو- فعوض من إحدى الواوين ياءً؛ لأنه جمع على دواوين، ولو كانت الياء أصلية لقالوا: دياوين. قاله الجوهري، وحكى ابن دريد: دياون، فافهم.

قوله: "ولم يكن فيه توقيت" أي حَدّ معلوم.

ص: ثم هذا ابن عباس قد كان من بعد يفتي من طلق امرأته ثلاثًا أن طلاقه قد لزمه وحرمها عليه.

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش عن مالك بن الحارث قال: "جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثًا، فقال: إن عمك عصى الله -فأثمه الله- وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجًا، فقلت: فكيف ترى في رجل يحلها له؟ فقال: من يخادع الله يخادعه".

ش: ذكر هذا وما بعده من أحاديث ابن عباس شاهدًا لما قاله من انتساخ حديثه ذاك، أي: ثم هذا عبد الله بن عباس قد كان يفتي من بعد أن روى الحديث المذكور بوقوع الطلاق الثلاث عند التلفظ بها، فالراوي إذا روى شيئًا ثم أفتى بخلافه أو عمل بخلافه، دَلَّ على أنه قد ثبت عنده نسخ ما رواه.

وقال الشافعي: يشبه أن يكون ابن عباس قد علم شيئًا ثم نسخ؛ لأنه لا يروي عن رسول الله -عليه السلام- شيئًا ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان من النبي -عليه السلام- فيه خلاف.

وقال البيهقي: رواية عكرمة عن ابن عباس قد مضت في النسخ، وفيها تأكيد لصحة هذا التأويل.

قلت: رواية عكرمة هي ما رواه أبو داود (١) والنسائي (٢) بإسنادها إلى ابن عباس


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٢٥٩ رقم ٢١٩٥).
(٢) "المجتبى" (٦/ ٢١٢ رقم ٣٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>