للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمد آثمه الله أي أوقعه في الإثم، وأثمَّه أيضًا بالتشديد، وفي رواية البيهقي: "فأندمه الله" من الندامة.

قوله: "من يخادع الله" أي من يعامل الله معاملة المخادعين.

وقوله: "يخادعه" مجزوم؛ لأنه جواب "مَنْ" التي تضمنت معنى الشرط، أي يجازيه بما عمل من خداعه، وهذا من باب المشاكلة والازدواج، والمعنى أنه لما عصى الله تعالى في إيقاع الطلاق الثلاث دفعة واحدة وسدَّ الباب على نفسه وخالف السُنَّة؛ جازاه الله تعالى بأن أحوجه إلي رجل يحللها له.

ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس بن بكير قال: "طلق رجل امرأته ثلاثًا قبل الدخول بها ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي، فذهبت معه أسأل له، فسأل أبا هريرة وعبد الله بن عباس عن ذلك، فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تتزوج زوجًا غيرك، فقال: إنما كان طلاقي إياها واحدةً، فقال ابن عباس: إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل".

ش: إسناده صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

وأخرجه مالك في "موطإه" (١).

وفيه دليل أن ابن عباس أفتى بوقوع الثلاث لمن طلق ثلاثًا، وأن المطلقة بالثلاث لا تحل لزوجها إلا بعد زوج آخر، وأن من طلق امرأته قبل الدخول بها ثلاثًا تقع عليه الثلاث، وفيه خلاف؛ فعند طاوس وعطاء وقتادة وجابر بن زيد: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها فهي واحدة. روى ذلك عنهم ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢).


(١) "موطأ مالك" (٢/ ٥٧٠ رقم ١١٨٠٣).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٤/ ٦٩ رقم ١٧٨٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>