الثاني: أنه يدل على أن الأقراء هي الحيض وهذا ظاهر لا يخفى.
ص: وكان من حجة مَنْ جعل الأقراء الحيض على مخالفه: أن قال: فإذا كانت الأقراء الأطهار، فإذا طلق المرأةَ زوجُها وهي طاهر فحاضت بعد ذلك بساعة فحسب ذلك لها قرءًا مع قرءين متتابعين كانت عدتها قرءين وبعض قرءٍ، وإنما قال الله -عز وجل- {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(١).
ش: هذا محذور يلزم مَن قال: إن الأقراء هي الأطهار، بيانه: أن الأقراء إذا كانت أطهارًا يلزم من ذلك أن تكون عدتها قرءين وبعض قُرء، وهذا خلاف النص؛ لأن الله تعالى قال:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(١) توضيحه: أن الله تعالى خص الأقراء بعدد يقتضي استيفاؤه العدة، وهو ثلاثة قروء، واعتبار الطهر فيه يمنع استيفاؤها بكمالها فيمن طلقها للسُنَّة؛ لأن طلاق السنة أوقعه في طهر قد جامعها فيه؛ فلا أبدًا إذا كان كذلك من أن يصادف طلاقه طهرًا قد مضى بعضه، ثم تعتد بعده بطهرين آخرين فهذان طهران وبعض الثالث، فلما تعذر استيفاء الثالث إذا أراد طلاق السُنَّة، علمنا أن الأقراء الحيض الذي يمكن استيفاء العدد المذكور في الآية بكماله. فافهم.
ويلزم محذور آخر إذا قلنا: إن الأقراء هي الأطهار؛ وذلك لأن الله تعالى قال:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(١) والثلاثة اسم خاص وضع لعدد معلوم، والخاص بمنزلة العلم قطعًا؛ لكونه بيِّنًا في نفسه، فلو حملت الأقراء على الأطهار لانتقص العدد عن الثلاثة بالطريق الذي ذكرنا فيلزم حينئذٍ ترك العمل بالخاص.
فإن قيل: لِمَ قلتم: إنه إذا احتسب الطهر الذي وقع فيه الطلاق فيكون الواجب طهرين وبعض طهر، بل الواجب ثلاثة؛ لأن بعض الطهر طهر؛ إذ المراد بالطهر أدنى ما يطلق عليه طهر وهو طهرين عندنا.