للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أشار بهذا إلى أن أبا سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف المدني الذي هو أيضًا من كبار التابعين، قد أخبر إنكار الناس على فاطمة ما قالت، وقولها ذلك، والحال أن فيهم جماعة من الصحابة والتابعين.

أخرجه عن نصر بن مرزوق وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، كلاهما عن عبد الله ابن صالح شيخ البخاري، عن الليث بن سعد، عن عُقيل -بضم العين- بن خالد الأيلي، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن أبي سلمة.

وأخرجه البيهقي (١) من حديث الليث، عن عقيل ... إلى آخره نحوه.

وقد ذكرنا فيما مضى قوله: "فقد أنكر عمر وأسامة وسعيد بن المسيب -رضي الله عنهم- ... " إلى آخره. يعني إذا كان الأمر كذلك فقد أنكر مثل عمر بن الخطاب وأسامة بن زيد من الصحابة ومثل سعيد بن المسيب من التابعين حديث فاطمة بنت قيس المذكور ولم يعملوا به.

والحال أن إنكار عمر -رضي الله عنه- كان بحضرة الصحابة -رضي الله عنهم- فلم ينكر عليه أحد منهم ذلك، فدلَّ ذلك أن مذهبهم في هذا الحكم كمذهب عمر -رضي الله عنه-؛ فصار كالإجماع بينهم على ذلك.

ص: فقال الذين ذهبوا إلى حديث فاطمة وعملوا به: إن عمر -رضي الله عنه- إنما أنكر ذلك عليها؛ لأنها خالفت عنده كتاب الله، يريد قول الله -عز وجل-: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٢)؛ فهذا إنما هو في المطلقة طلاقًا لزوجها عليها فيه الرجعة، وفاطمة كانت مبتوتة لا رجعة لزوجها عليها، وقد قالت: إن رسول الله -عليه السلام- قال لها: "إن النفقة والسكنى لمن كانت عليه الرجعه" فما ذكر الله -عز وجل- في كتابه من ذلك إنما هو في المطلقة التي لزوجها عليها الرجعة، وفاطمة فلم تكن عليها رجعة، فما روي من


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٧/ ٤٣٢ رقم ١٥٢٦٥).
(٢) سورة الطلاق، آية: [٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>