للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا والترمذي (١) وقال: حسن صحيح، وقول إبراهيم بن أبي طالب: خالف الأسود الناس غير مُسَلَّم، بل وافقه على ذلك القاسم وعُروة في رواية، وابن المسيب.

روى عبد الرزاق (٢): عن إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن المسيب قال: "كان زوج بريرة حرًّا".

وإذا اختلفت الآثار في زوجها وجب حملها على وجه لا يكون فيها تضاد، والحريّة تعقب الرقّ، ولا ينعكس، فثبت أنه كان حرًّا عندما خيرت، عبدًا قبله، ومَنْ أخبر بعبوديته لم يعلم بحريته قبل ذلك.

وقال ابن حزم ما ملخصه (٣): أنه لا خلاف أن من شهد بالحرية يقدم على من شهد بالرق؛ لأن عنده زيادة علم، ثم لو لم يُختلف أنه كان عبدًا هل جاء في شيء من الآثار أنه -عليه السلام- إنما خيرها لأنه كان عبدًا، وبين من يدعي أنه إنما خيرها لأنه كان حرًّا، وكان أسود، واسمه مغيث، فالحق أنه إنما خيرها لكونها أعتقت؛ فوجب تخيير كل معتقة.

ولأنه روي في بعض الآثار أنه -عليه السلام- قال لها: "ملكتِ نفسك فاختاري" كذا في "التمهيد" (٤).

فكل مَنْ ملكت نفسها تختار، سواء كان زوجها حرًّا أو عبدًا، ويأتي عن قريب ما قاله الطحاوي في وجه التوفيق بين هذه الأخبار، وقد أكثر الناس في معاني هذه الأحاديث المروية في قصة بريرة، وتخريج وجوهها؛ فلمحمد بن جرير الطبري في ذلك كتاب، ولمحمد بن خزيمة في ذلك كتاب، ولجماعة في ذلك أبواب، أكثر ذلك تكلف واستنباط واستخراجات محتملة وتأويلات ممكنة لا يُقطع بصحتها.


(١) "جامع الترمذي" (٣/ /٤٦١ رقم ١١٥٥).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" (٧/ ٢٥٤ رقم ١٣٠٣١).
(٣) "المحلى" (١٠/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٤) "التمهيد" (٣/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>