للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن زوجها عبد، وهذا لا يوجد أصلاً في الآثار، فثبت أنه إنما خيرها لكونها قد أعتقت، فحينئذٍ يستوي في ذلك أن يكون زوجها حرًّا أو عبدًا. فافهم.

وها هنا شيء آخر: وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل ملكها بضعها علةً لثبوت الخيار لها، حيث قال لها -على ما جاء في بعض الروايات-: "ملكت بضعك فاختاري" وفي رواية "نفسك" فأخبر أنها ملكت نفسها، ثم أعقبه بإثبات الخيار لها بحرف التعقيب، وملكها نفسها يؤثر في دفع الولاية في الجملة؛ لأن الملك اختصاص، والحكم إذا ذكر عقيب وصف له أثر في الجملة في جنس ذلك الحكم في الشرع؛ كان ذلك تعليقًا لذلك الحكم بذلك الوصف كما في قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ...} (١)، وقوله: {لزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ...} (٢)، وروي أن ماعزًا زنى فرجم، والحكم يتعمم بعموم العلة، ولا يتخصص بخصوص المحل كما في سائر العلل الشرعية والفعلية، فزوج بريرة -وإن كان عبدًا- لكن النبي -عليه السلام- لما بني الخيار فيه على معنى عام -وهو ملك البضع- يعتبر عموم المعنى لا خصوص المحل. فافهم.

قوله: "فنظرنا في ذلك ... " إلى آخره. بيان وجه النظر والقياس في هذا الباب، وهو ظاهر.

ص: وقد روي ذلك أيضًا عن طاوس:

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: "للأمة الخيار إذا أعتقت، وإن كانت تحت قرشي".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه أنه قال: "لها الخيار" يعني في العبد والحرِّ، قال: وأخبرني الحسن بن مسلم مثل ذلك".


(١) سورة المائدة، آية: [٣٨].
(٢) سورة النور، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>