الشهر، ويحتمل أن تكون في تلك السبع وتكون في غيره من الشهر إلا أنهما أكثر ما تكون في تلك السبع، فأمرهم رسول الله -عليه السلام- بالتحري فيها لذلك.
ش: أشار بهذا إلى وجه التوفيق بين ما روى عن عبد الله بن عمر وأبي ذر -رضي الله عنهم-، وبين ما روي عن عبد الله بن أنيس -رضي الله عنه-، فإن فيما روى هذان: الأمر بتحري ليلة القدر في السبع الأواخر من شهر رمضان، وفيما رواه ابن أنيس: الأمر بتحريها في ليلة ثلاث وعشرين وبينهما معارضة ظاهرًا لا تخفى.
ووجه التوفيق: أن ما روياه من التحري في السبع الأواخر لا ينافي كونها في سائر الشهر، فحينئذٍ يدخل فيه ما رواه ابن أنيس، ولكن لما كانت أكثر ما تكون في تلك السبع أمر رسول الله -عليه السلام- بالتحري فيها، فيكون التنصيص على السبع الأواخر لهذا المعنى.
ص: وقد روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أيضًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرهم أن يتحروها في العشر الأواخر من الشهر:
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان".
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:"رأى رجل ليلة القدر في النوم كأنها في العشر الأواخر في سبع وعشرين أو في تسع وعشرين، فقال النبي -عليه السلام-: أرى أن رؤيكم قد تواطأت، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر".
ش: ذكر هذه الرواية عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- شاهدة لما ذكره من التوفيق؛ لأن روايته هذه وهي التماسها في العشر الأواخر تدل على أن روايته تلك -وهي التماسها في السبع الأواخر- لا ينافي كونها في غير السبع الأواخر على ما ذكرنا.