هو أن يتحرى ليلة ثلاث وعشرين، وفي الحديث الثاني: هو أن يتحرى في النصف الأخير، ثم لما أعاد السؤال أمر أن يتحراها ليلة ثلاث وعشرين، فاتفق معنى الحديثين بلا شك.
وقوله:"وقد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- ... " إلى آخره. إشارة إلى وجه آخر من التوفيق، وبيان وجه التنصيص في أحاديث عبد الله بن أنيس على ليلة ثلاث وعشرين، بيانه: أنه -عليه السلام- إنما أمره بالتحري في ليلة ثلاث وعشرين؛ لدلالة تحريه -عليه السلام- في تلك السنة على أنها تكون فيها ليلة ثلاث وعشرين، وإن كان يجوز أن تكون في غير تلك السنة في غير تلك الليلة، وكان الدال على تحريه -عليه السلام- في تلك السنة هو رؤياه التي كان رآها -عليه السلام- وهو ما روي في حديث بُسر بن سعيد، عن عبد الله بن أنيس قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "رأيتني في ليلة القدر كأني أسجد في ماء وطين فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين".
فأما الحديث الأول فرجاله ثقات.
والوهبي هو أحمد بن خالد الكندي، شيخ البخاري في غير "الصحيح".
وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق المدني.
وابن عبد الله بن أنيس قد مَرَّ الكلام فيه عن قريب.
وأخرجه الطبراني: ثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عياش بن الوليد الرقام، ثنا عبد الأعلى، ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه أنه قال:"يا رسول الله، إنا نكون في باديتنا، وأنا بحمد الله أصلي بها، فأْمُرني بليلة من هذا الشهر أنزلها في المسجد فأصلي فيه، فقال: أنزل ليلة ثلاث وعشرين فصلها، وإن أحببت أن تستتم إلى آخر الشهر فافعل، وإن أحببت أن ترجع إلى أهلك بليل فاصنع".
قوله:"يقال لها: الوطأة". وقع في "مسند أبي يعلى الموصلي" في روايته: "وهي من المدينة على بريد وأميال".