للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقام عليها حدُّ الزنا؛ لأنه قد ظهر زناها بشهادة الشهود؛ ولو شهد أربعة أحدهم الزوج، فإن لم يكن من الزوج قذف مثل ذلك، تقبل شهادتهم، ويقام عليها الحد عندنا، وعند الشافعي لا تقبل شهادة الزوج.

الثاني: فيه إشارة إلى أن شرط وجوب اللعان إنكار المرأة وجود الزنا، حتى لو أقرت بذلك لا يجب اللعان، ويلزمها حدُّ الزنا، وهو الجلد إن كانت غير محصنة، والرجم إن كانت محصنة، وفهم ذلك من شهادة المرأة، إذْ لو أقرت لَحَدَّها النبي -عليه السلام- ولم يلاعن بينهما.

الثالث: فيه دليل أن شرط اللعان أن يكون بين الزوجين؛ لأن هلال بن أمية إنما قذف بالزنا امرأته، وأيضًا فإنه خُصَّ اللعان بالأزواج بقوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (١) فعلى هذا إذا تزوج امرأة نكاحًا فاسدًا، ثم قذفها، لم يلاعنها؛ لعدم الزوجية، وقال الشافعي: يلاعنها إذا كان القذف بنفي الولد، وكذا لو طلق امرأته طلاقًا بائنًا، أو ثلاثًا، ثم قذفها بالزنا، لا يجب اللعان؛ ولو طلقها رجعيًّا ثم قذفها، يجب اللعان عندنا لعموم الآية، خلافًا للشافعي؛ ولو قذف امرأته بعد موتها لم يلاعن عندنا؛ وعند الشافعي يلاعن على قبرها؛ لأن الآية لم تفصل بين الحياة والموت؛ قلنا: خَصَّ الله اللعان بالأزواج، وقد زالت الزوجية بالموت.

الرابع: فيه أن يبدأ الحاكم بالرجل؛ لأنه القاذف الذي يدرأ الحدّ بشهادته عن نفسه، والذي بدأ الله به وأيمانه، فإن أخطأ الحاكم فبدأ بالمرأة ثم بالرجل، فينبغي له أن يعيد اللعان على المرأة فإن لم يُعد حتى فرق بينهما فسدت الفرقة.

الخامس: فيه سقوط الحد عن الرجل، وذلك لأجل أيمانه سقط الحد.

السادس: فيه بيان حدُّ اللعان؛ ثم قال أصحابنا: اللعان شهادات مُوكدة بالأيمان مقرونة باللعن والغضب، وإنه في جانب الزوج قائم مقام حد القذف، وفي جانبها قائم مقام حد الزنا. وقال الشافعي: اللعان أيمان بلفظ الشهادة،


(١) سورة النور، آية [٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>