قلت: ومن هذا أخذ أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد: أن وطء الزنا أنه محرم وموجب للحكم وأنه يجري مجرى الوطء الحلال في التحريم منه، وحملوا أمره -عليه السلام- لسودة بالاحتجاب على الوجوب، وهو أحد قولي مالك، وفي قوله الآخر: الأمر ها هنا للاستحباب، وهو قول الشافعي وأبي ثور؛ وذلك لأنهم يقولون: إن وطء الزنا لا يحرم شيئًا، ولا يوجب حكمًا، والحديث حجة عليهم.
قوله:"الولد للفراش" أي لصاحب الفراش، وأجمعت جماعة من العلماء بأن الحرة فراش بالعقد عليها، مع إمكان الوطء وإمكان الحمل، فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل، فالولد لصاحب الفراش لا ينتفي عنه أبدًا بدعوى غيره، ولا بوجه من الوجوه إلا باللعان.
واختلف الفقهاء في المرأة يطلقها زوجها في حين العقد عليها بحضرة الحاكم أو الشهود، فتأتي بولد لستة أشهر فصاعدًا من ذلك الوقت عقيب العقد، فقال مالك والشافعي: لا يلحق به؛ لأنها ليست بفراش له، إذ لم يمكنه الوطء في العصمة، وهو كالصغير أو الصغيرة اللذين لا يمكن منهما الولد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: هي فراش له، ويلحق به ولدها.
واختلفوا في الأمة، فقال مالك: إذا أقر بوطئها صارت فراشا، وإن لم يدع استبراء لحق به ولدها وإن ادعى استبراء من ولدها، وقال العراقيون: لا تكون الأمة فراشًا بالوطء إلا بأن يدعي سيدها ولدها، وأما إن نفاه فلا يلحق به، سواء أقر بوطئها أو لم يُقر وسواء استبرأ أو لم يستبرئ.
قوله:"وللعاهر الحجر" العاهر الزاني، فقيل: معناه أن الحجر يرجم به الزاني المحصن، وقيل: معناه أن الزاني له الخيبة ولاحظ له في الولد؛ لأن العرب تجعل هذا مثلًا في الخيبة، كما يقال: له التراب إذا أراد له الخيبة.