وأما حديث عبد الله بن مسعود فأخرجه النسائي (١) أيضًا: أنا إسحاق بن إبراهيم، نا جرير، عن مغيرة، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن رسول الله -عليه السلام- قال:"الولد للفراش، وللعاهر الحجر".
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا نفى ولد امرأته لم ينتف به، ولم يلاعن به، واحتجوا في ذلك بما رويناه عن رسول الله -عليه السلام- في هذا الباب قالوا: فالفراش يوجب حق الولد في إثبات نسبه من الزوج والمرأة، فليس لهما إخراجه منه بلعان ولا غيره.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: عامرًا الشعبي ومحمد بن أبي ذئب وبعض أهل المدينة؛ فإنهم قالوا: إذا نفى ولد امرأته لم ينتف به ولا يجب به اللعان، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل يلاعن وينتفي نسبه منه ويلزم أمه وذلك إذا كان لم يُقر به قبل ذلك، ولم يكن منه ما حكمه حكم الإقرار، ولم يتطاول ذلك.
واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رسول الله -عليه السلام- فرق بين المتلاعنين وألزم الولد أمه". قالوا: فهذه سنة عن رسول الله -عليه السلام- لم نعلم شيئًا عارضها ولا نسخها، فعلمنا بها أن قول رسول الله -عليه السلام- الولد للفراش لا ينفي أن يكون اللعان به واجبًا إذا نفى، إذ كان رسول الله -عليه السلام- قد فعل ذلك، وأجمع أصحابه من بعده على ما حكموا في ميراث ابن الملاعنة، فجعلوه لا أب له، وجعلوه من قوم أمه، وأخرجوه من قوم الملاعن، ثم اتفق على ذلك تابعوهم من بعدهم، ثم لم يزل الناس على ذلك إلى أن شذَّ هذا المخالف لهم، فالقول عندنا في ذلك على ما فعله