للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -عليه السلام- وأصحابه من بعده، وتابعوهم من بعدهم على ما ذكرنا، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أبي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم، منهم: الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: إذا نفى الرجل ولد امرأته يلاعن، وينتفي نسبه منه ويلزم أمه، ثم في هذا تفصيل وخلاف من وجه آخر بينهم، فقال أصحابنا: إذا كان القذف ينفي الولد بحضرة الولادة أو بعدها بيوم أو يومين، أو نحو ذلك من مدة يأخذ فيها التهنئة وانبياع الأب الولادة عادة صح ذلك، فإن نفاه بعد ذلك لا ينتفي، ولم يؤقت أبو حنيفة لذلك، وقتًا وروي عنه أنه وقت لذلك سبعة أيام، وأبو يوسف ومحمد وقتاه بأكثر النفاس وهو أربعون يومًا، واعتبر الشافعي الفور فقال: إن نفاه على الفور ينتفي وإلا لا، وفي "شرح الموطأ" للإشبيلي: قال أبو حنيفة: إذا ولدت فنفاه من يوم يولد أو بعد يوم أو يومين لاعن وانتفى الولد، وإن لم ينفه حتى مضت سنة أو سنتان لاعن، ولزمه الولد، ولم يوقت أبو حنيفة لذلك وقتا، ووقت أبو يوسف ومحمد بمقدار النفاس أربعين يومًا، وقال أبو يوسف: إن كان غائبًا فقدم فله نفيه ما بينه وبين مقدار النفاس منذ يوم قدم ما كان في الحولين فإن قدم بعد الحولين، لم ينتف عنه أبدًا، وقال الشافعي: إذا علم بالحمل وأمكنه التحاكم فترك اللعان لم يكن له نفيه كالشفعة، وقال في القديم: إن لم ينفه في يوم أو يومين، وقال بمصر: أو ثلاثة لم يكن له نفيه، ولو أشهد على نفسه لشغل ما أمكنه فوته أو لمرض أو كان غائبًا وقال: لم أصدق حملها، فهو على نفيه، وكذلك الحاضر إذا قال لم أعلم ولو رآها حبلى وقال: لم أعلم أنه حمل حتى ولدت كان له نفيه.

قوله: "ويلزم أمه" أي يلزم الولد المنفي أمه، حتى لا يرث إلا من أمه، وإذا مات هو لا يرثه إلا أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>