وقد روينا عن البخاري (١) في حديث سهل بن سعد، قال ابن جريج: قال ابن شهاب: "فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين وكانت حاملاً، وكان ابنها يدعى لأمه، ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله".
قلت: ما فرض الله لها هو الثلث إن لم يكن له ولد ولا ولد ابن ولا اثنان من الأخوة والأخوات فإن كان شيء من ذلك فلها السدس، ثم إذا وقع لأمه فرضها أو إلى أصحاب الفروض وبقي شيء فهو لموالي أمه، فإن لم يكن لها موالى فهو لبيت المال.
قاله الشافعي ومالك وأبو ثور وقبلهم ابن شهاب.
وقال الحكم وحماد: يرثه ورثة أمه، وقال الآخرون: عصبته أمه، روي هذا عن علي وابن مسعود وعطاء وأحمد بن حنبل، قال أحمد: فإن انفردت الأم أخذت جميع ماله بالعصوبة، قال أبو حنيفة: إذا انفردت أخذت الجميع، الثلث بالفرض، والباقي بالرد على قاعدته.
قوله:"وذلك إذا لم يقر به" أي بالولد قبل ذلك، أي قبل نفيه، قيَّدَ بذلك؛ لأنه إذا كان قد أقر به وهو حمل ثم نفاه بعد الولادة لا ينتفي، ولا يصح نفيه.
قوله:"ولم يكن منه" أي من الرجل الذي ينفي فيه، أي في الولد ما حكمه حكم الإقرار، قيَّد به لأنه إذا وجد منه فيه ما يدل على أنه إقرار لا يصح نفيه، وذلك نحو أن يسكت إذا هنئ به ولا يرد على المهنئ، فكان السكوت -والحالة هذه- اعترافا بنسب الولد، فلا يمكن نفيه بعد الاعتراف؛ وذلك لأن العاقل لا يسكت عند التهنئة بولد ليس منه عادة.
وروى ابن رستم عن محمد: إذا هنئ بالولد من الأمة فسكت لم يكن اعترافا، وإن سكت في ولد الزوجة كان اعترافا.