قال ابن حزم: هذا أيضًا قول بلا دليل، ووجدنا الملح لا زكاة فيه والربا يقع فيه بالنص، فبطل.
وقالت طائفة: هي الجنس، فلم يجوزوا التفاضل في جنس واحد كائنا ما كان، وروي ذلك عن سعيد بن جبير وحماد بن أبي سليمان، وروى عبد الرزاق عن عبد الله بن كثير، عن شعبة سألت الحكم بن عتيبة عن من اشترى خمسة عشر جريبًا من أرض بعشرة أجربة، فقال: لا بأس به، وكرهه حماد بن أبي سليمان.
وقالت المالكية: العلة هي الاقتيات والادخار في الجنس فما كان يدخر مما يكون قوتا في الأكل فالربا فيه نقدًا ونسيئة وما كان لا يقتات ولا يدخر فلا يدخل فيه الربا يدا بيد، وإن كان جنسًا واحدًا ولكن يدخل الربا في النسيئة إذا كان جنسًا واحدًا.
وقال ابن حزم: هي علة المتقدمين منهم، ثم رغب عنها المتأخرون منهم؛ لأنهم وجدوها تفسد عليهم؛ لأن الثوم والبصل والكراث والكرويا والكسبر والخل والفلفل، نعم والملح الذي جاء فيه النص ليس شيء فيه يكون قوتًا أصلا بل بعضه يقتل إذا أكل منه مثل نصف وزن ما يؤكل مما يتقوت يه كالملح والفلفل، فلو أن إنسانًا أكل رطل فلفل في جلسة لقُتِلَ بلا شك، كذلك الملح والخل الحازق، وكذلك الثوم.
ووجدوها أيضًا تفسد عليهم في اللبن والبيض فإنهما لا يمكن إدخارهما، والربا عندهم يدخل فيه.
ووجدوها أيضًا تفسد عليهم في الكون والشونيز والحلبة الرطبة والكسبر والكرويا ليس بشيء من ذلك قوتًا والربا عندهم في كل ذلك.
قلت: ذهب مالك في "الموطإ" أن العلة هي الادخار والاكل غالبًا، وإليه ذهب ابن نافع.