وفي "شرح الموطأ" للإشبيلي: وأَخْذُ سعد حكم السلت بالبيضاء من حكم النبي -عليه السلام- في الرطب بالتمر؛ دليل على قوله بالقياس، وعلى هذا جماعة الصحابة، ولا نعلم أحد منهم حفظ عنه قضية إلا وجميعها أو معظمها القياس، وقوله -عليه السلام-: "أينقص الرطب إذا يبس" تنبيه على القياس، فإنه لا يخفى على أحد أن الرطب ينقص إذا يبس، فنبههم النبي -عليه السلام- أن علة التحريم هو التفاضل في هذا الجنس.
ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن زيد بن أبي عياش، عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: فذكر مثله.
ش: هذا طريق آخر عن صالح، عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي شيخ البخاري وأبي داود، عن مالك بن أنس ... إلى آخره.
وأخرجه أبو داود (١): ثنا القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، أن زيدًا أبا عياش أخبره:"أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت، فقال له سعد: أيهما أفضل؟ قال: البيضاء. قال: فنهاه عن ذلك، وقال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يُسأل عن شراء التمر بالرطب، فقال رسول الله -عليه السلام-: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. فنهاه عن ذلك". انتهى.
قلت: فيه تصريح أن المراد من البيضاء هي الحنطة، ومن السلت الشعير.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وجعلوه أصلاً، ومنعوا بيع الرطب بالتمر، وممن ذهب إلى ذلك: أبو يوسف ومحمد بن الحسن.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي والثوري والليث بن سعد ومالكا والشافعي وأحمد وإسحاق، فإنهم قالوا: لا يجوز بيع الرطب بالتمر. واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور، وممن قال بقولهم: أبو يوسف ومحمد بن الحسن.