للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهدى إلى رسول الله -عليه السلام- تمرًا جنيبًا فقال -عليه السلام-: أَوَكل تمر خيبر هكذا؟ وكان أهدى إليه رطبًا، أطلق اسم التمر على الرطب، وقد احتج الكاساني لأبي حنيفة بهذا الطريق، ثم قال: وأما الحديث، وأراد به حديث سعد المذكور فمداره على زيد أبي عياش، وهو ضعيف عند النقلة، فلا يقبل في معارضة السنة المشهورة؛ ولهذا لم يقبله أبو حنيفة في المناظرة في معارضة الحديث المشهور مع أنه كان من صيارفة الحديث، وكان من مذهبة تقديم الخبر وإن كان في حدّ الآحاد على القياس، بعد أن كان روايه عدلاً ظاهر العدالة، أو تأوله على بيع الرطب بالتمر نسيئة، أو تمرًا من مال اليتيم توفيقًا بين الدلائل؛ صيانة عن التناقض، والله أعلم.

فإن قيل: أخرج البيهقي في "سننه" (١) حديث سعد من طريق يحيى بن أبي كثير بالزيادة المذكورة ثم قال: قال الدارقطني: خالفه مالك وإسماعيل ابن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد، رووه عن ابن يزيد وما قالوا فيه: "نسيئة".

قلت: قد علمت أن عمران بن أبي أنيس قد تابع يحيى في ذلك وتوافقا في الزيادة المذكورة، ولا تضر مخالفتهما هؤلاء القوم؛ لأنهما إمامان جليلان حجتان، ومالك قد اختلف عليه كما ذكرنا، واختلف أيضًا على إسماعيل بن أمية، وروي عنه نحو رواية مالك، ذكره "البيهقي" (٢) من حديث الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن يزيد، عن زيد أبي عياش، عن سعد: "سئل النبي -عليه السلام- عن الرطب بالتمر، قال: أينقص إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهى عنه". تابعه ابن عيينة، عن إسماعيل. وروى الطحاوي أيضًا في "مشكل الآثار" الحديث عن المزني، عن الشافعي، عن ابن عيينة، عن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي عياش الزرقي، عن سعد ... الحديث.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ٢٩٤ رقم ١٠٣٤٢).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ٢٩٤ رقم ١٠٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>