للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت طائفة: معنى هذا الكلام: أن يقول أحد المتبايعين بعد تمام البيع لصاحبه: اختر إنفاذ البيع أو فسخه، فإن اختار إمضاء البيع، تم البيع بينهما وإن لم يتفرقا، هذا قول الثوري والأوزاعي وسفيان بن عيينة وعبيد الله بن الحسن وإسحاق، وروي ذلك أيضًا عن الشافعي، وكان أحمد بن حنبل يقول: هما بالخيار أبدًا؛ قالا هذا القول أو لم يقولا حتى يتفرقا بأبدانهما من مكانهما.

وفي "شرح الموطأ": معنى هذا الكلام على مذهب مالك: إلا أن يشترط الخيار مدة مقدرة فيقضي في ذلك بالواجب، فكأنه قال: لا خيار لهما بعد التفرق إلا في البيع الذي يشترط فيه الخيار، ومعناه على تأويل ابن حبيب: أن كل واحد منهما بالخيار في المجلس إلا بيع الخيار، وذلك أن يقول أحدهما اختر الإمضاء أو الرد، فيختار، فينقطع بذلك الخيار، فمعناه عندهم: أن عقد البيع على الخيار إلا أن يوقف على قطع الخيار بعده، والأول أظهر؛ لأن بيع الخيار إذا أطلق في الشرع فإنه يفهم منه إثبات الخيار لا قطعه، ومدة الخيار الثابت بالشرط مختلفة باختلاف المبيع بقدر ما يحتاج إليه من مدة النظر إلى المبيع والاختيار والسؤال عنه، مع سرعة استحالة المبيع وإبطائها، ففي "المدونة": هو في الدار الشهر ونحوه، وقال ابن الماجشون في "الواضحة": والشهرين قال مالك في "المدونة": في الرقيق الخمسة أيام والجمعة.

وقال ابن القاسم: والعشرة الأيام. قال محمد: وأفسخه في الشهر، وروى ابن وهب أن مالكًا أجازه في الشهر وأباه ابن القاسم وأشهب.

وأما الدابة في "المدونة": يجوز أن يشترط ركوب اليوم وشبهه ولا بأس أن يشترط السير عليها البريد والبريدين ما لم يتباعد، وقال عبد الحق: يشترط الخيار في الدابة اليوم واليومين والثلاثة.

وأما الفاكهة كالبطيخ والرمان والتفاح، فقال ابن القاسم في "المدونة": إن كان الناس ييسرون في مثل هذا نفعه من الخيار بقدر الحاجة، وقال عياض في قوله: "إلا بيع الخيار" وقوله: "أو يكون بيع خيار": هذا أصل في جواز بيع الخيار

<<  <  ج: ص:  >  >>