المطلق والمقيد، ولا خلاف فيه على الجملة، واختلف هل يجوز إذا أطلق وإذا قيد؟
وهل البائع والمشتري سواء في اشتراطه؟ وهل له حدٌّ لا يتعدى أم لا حد له إلا ما ضرباه، أم حده مقدار ما تختبر فيه السلعة؟
فذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا حدَّ له لا يُتعدى، لكن يجوز أن يضرب لكل سلعة في الأصل مقدار ما تختبر فيه، فالثوب اليوم واليومين، والعبد إلى الجمعة، وروي عنه في ذلك شهر، والدابة تركب اليوم وشبهه الدار الشهر ونحوه، قال الداودي: وقيل الشهران والثلاثة، وحكى عنه الخطابي: في الضيعة السنة، قال بعض أصحابنا: وهذا قول مالك في "الموطأ" في حديث "البيعين بالخيار" ليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به، وأن هذا اللفظ راجع إلى قوله في آخر الحديث:"إلا بيع الخيار" وهو أولى ما يؤول على مالك لا سواه، قال أصحابنا: وهذا إذا كان خيارهما للاختبار، وإن كان خيارهم للشورى فمقدار ما يُشاور فيه، وعلى هذا المعنى تترتب عند أصحابنا مدة الخيار في طولها وقصرها، وهذا يصح كله في المشتري، وأما خيار البائع فهو أيضًا بمقدار ما يحتاج فيه الخيار في أخذ الرأي والمشاورة، فإن ضرب من الأجل أبعد مما تقدم بكثير فسخ عند مالك البيع، وأجاز الثوري اشتراط عشرة أيام في الخيار للمشتري، ولا يجوز اشتراطه للبائع، فإن شرطه فسد البيع، وأجاز الأوزاعي اشتراط الخيار شهرًا وأكثر، وروي مثله لمالك، ونحوه قول ابن أبي ليلى والعنبري والحسن بن صالح وأبي يوسف ومحمد وإسحاق وأبي ثور وفقهاء أصحاب الحديث وداود: أن الشرط لازم إلى الوقت الذي شرطاه.
وذهب أبو حنيفة والشافعي وزفر والأوزاعي في أحد قوليه إلى أن الخيار لا يعدو ثلاثة أيام، ولا يجوز الزيادة عليه، فإن زاد فسد البيع، وحجتهم حديث منقذ بن حبان، وحديث المصراة وفيها ذكر ثلاثة أيام.
وقال الشافعي: ولولا ما جاء ما فيه زاد ساعة، وكذلك اختلفوا إذا أطلقا الخيار وتبايعا عليه ولم يسميا مدة، فعند مالك أن البيع جائز ويضرب للسلعة مقدار ما تختبر فيه كما لو ضرباه وبيناه.