وقالوا: هذا كما ذكر الله -عز وجل- في الطلاق، فقال:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ}(١) فقالوا: الزوج إذا قال للمرأة قد طلقتك على كذا وكذا، فقالت المرأة: قد قبلت، فقد بانت، وتفرقا بهذا القول، وإن لم يتفرقا بأبدانهما، قالوا: فكذلك إذا قال الرجل للرجل: بعتك عبدي هذا بألف درهم، فقال المشتري: قد قبلت، فقد تفرقا بذلك القول وإن لم يتفرقا بأبدانها. وممن قال بهذا القول وفسر بهذا التفسير: محمد بن الحسن -رحمه الله-.
ش: أشار بهذا إلى بيان اختلاف العلماء في تأويل التفرق المذكور في الآثار المذكورة، وقد افترقوا ثلاث فرق، وأشار إلى ما قال أهل المقالة الأولى بقوله:"فقال قوم" وأراد بهم: إبراهيم النخعي والثوري في رواية، وربيعة الرأي ومالكا وأبا حنيفة ومحمد بن الحسن؛ فإنهم قالوا: المراد من قوله -عليه السلام-: "ما لم يتفرقا" هو التفرق بالأقوال، فإذا قال البائع: قد بعت، وقال المشتري: قد قبلت، فقد تفرقا، ولا يبقى لهما بعد ذلك خيار، ويتم به البيع، ولا يقدر المشتري على رد البيع إلا بخيار الرؤية، أو خيار العيب، أو خيار الشرط إن شرطه.
قوله:"وقالوا: الذي كان لهما" أي قال هؤلاء القوم: الذي كان للبائع والمشتري هو ما كان للبائع أن يبطل قوله الذي خاطب به المشتري، وهو قوله: قد بعتك هذا العبد بألف مثلًا قبل قبول المشتري ذلك، فهذا هو الذي له أن يبطله، فأما إذا قبل المشتري ذلك فقد تفرق هو والبائع، وانقطع الخيار.
قوله:"وقالوا: هذا كما ذكر الله ... " إلى آخره إشارة إلى انهم أيدوا تأويلهم بما ذكر الله -عز وجل- في الطلاق حيث قال:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ}(١) فإن التفرق ها هنا بالأقوال بلا خلاف، فإن الزوج إذا قال لامرأته: قد طلقتك على كذا وكذا، فقالت المرآة: قد قبلت، فقد بانت وتفرقا بذلك، وإن لم يحصل الافتراق بأبدانها، فكذلك في البيع كما ذكرنا.