للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث علمنا أن افتراق أبدانهما بعد المخاطبة بالبيع يقطع قبول تلك المخاطبة، وقد روى هذا التفسير عن أبي يوسف -رحمه الله-.

قال عيسى: وهذا أولى ما حمل عليه تأوبل هذا الحديث؛ لأنا رأينا الفرقة التي لها حكم -فيما اتفقوا عليه- هي الفرقة في الصرف، فكانت تلك الفرقة إنما يجب بها فساد عقد متقدم ولا يجب بها صلاحه، وكانت هذه الفرقة المروية عن رسول الله -عليه السلام- في خيار المتبايعين، إذا جعلناها على ما ذكرنا فسد بها ما كان تقدم من عقد المخاطب، وإن جعلناها على ما قال الذين جعلوا الفرقة بالأبدان يتم بها البيع بخلاف فرقة الصرف، ولم يكن لها أصل فيما اتفقوا عليه؛ لأن الفرقة المتفق عليها إنما يفسد بها ما تقدمها، إذا لم يكن تم حتى كانت، فأولى الأشياء بنا أن نجعل هذه الفرقة المختلف فيها كالفرقة المتفق عليها؛ فيجب بها فساد ما قد تقدمها ما لم يكن تم حتى كانت، فثبت بذلك ما ذكرنا.

ش: هذا بيان مقالة الفرقة الثانية وهم: أبو يوسف وعيسى بن أبان وآخرون.

وعيسى بن أبان بن صدقة أبو موسى الإِمام الكبير تفقه على الإِمام محمد بن الحسن، وكان ولي قضاء البصرة، وصنف التصانيف، وكان حسن الحفظ للحديث، وقال الذهبي: ما علمت أحدًا ضعفه ولا وثقه.

قلت: إذا سلم من الطعن يكون ثقة؛ لأن الأصل هو العدالة (١).

قوله: "وذلك أن الرجل إذا قال ... " إلى آخره إشارة إلى بيان معنى قول عيسى بن أبان: الفرقة التي تقطع الخيار: هي الفرقة بالأبدان، وإنما فسر بذلك احترازًا عما فسره أهل المقالة الثالثة؛ فإنهم قالوا أيضًا: إن المراد من الفرقة هي الفرقة بالأبدان، ولكن فسروها بغير تفسير عيسى بن أبان، على ما يأتي إن شاء الله تعالى، وباقي الكلام ظاهر.


(١) في هذا الكلام نظر، وهو عين ما أُنكر على ابن حبان في إدخال الرواة في ثقاته، والمعوَّل في توثيق الراوي ليس بأصل ظاهر في العدالة بالإِسلام فقط ولكن ينضم إليها الحفظ والضبط والإتقان كما هو معلوم في علم الجرح والتعديل. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>