سمي إسحاق أو إسماعيل -عليهما السلام- ذبيحا؛ لقربه من الذبح وإن لم يكن ذبح، فكذلك يطلق على المتساومين اسم المتبايعين إذا قربا من البيع وإن لم يكونا تبايعا، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يسوم الرجل على سوم أخيه، وقال: لا يبيع الرجل على بيع أخيه" ومعناهما واحد، فلما سمى رسول الله -عليه السلام- المساوم الذي قرب من البيع متبايعا، وإن كان ذلك قبل عقده البيع، احتمل أيضًا أن يكون كذلك المتساومان سماهما متبايعين لقربهما من البيع، وإن لم يكونا عقدا عقدة البيع، فهذه معارضة صحيحة.
ش: هذا جواب عن ما قاله أهل المقالة الثالثة، من قولهم: الخبر أطلق ذكر المتبايعين فقال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ... " إلى آخره، تقريره أن يقال: إن الذي ذكروه من أن المتبايعين قبل أن يتعاقدا البيع متساومان مُسَلَّم، وأنه وإن دلَّ على مدَّعاكم؛ ولكن عندنا من الدليل على خلافه، وهو أن المتبايعين يحتمل أن يكونا سميا بذلك لقربهما من التبايع أن لم يكونا تبايعا حقيقة؛ لأن الشيء إذا قرب إلى الشيء يأخذ حكمه، ومثل هذا كثير في لغة العرب، ألا ترى أنه قد أطلق على إسحاق أو على إسماعيل -على اختلاف المفسرين فيه- ذبيح لا بكونه قد ذبح حقيقة، إنما أطلق عليه لكونه قد قرب من الذبح، فكذلك يكون إطلاق اسم المتبايعين على المتساومين لقربهما من البيع فيكونان متبايعان والدليل على ذلك إطلاق النبي -عليه السلام- على لفظ السوم لفظ البيع، حيث قال:"لا يسوم الرجل على سوم أخيه" وقال: "لا يبيع الرجل على بيع أخيه" ومعناهما واحد، فلما أطلق رسول الله -عليه السلام- على المساوم الذي قد قرب من البيع وكان ذلك قبل عقده البيع، احتمل أيضًا أن يكون كذلك المتساومان أطلق عليهما اسم المتبايعين لقربهما من البيع وإن لم يكونا عقدا عقد البيع فهذا الذي ذكرناه معارضة صحيحة.
فإن قيل: قد قال ابن حزم: وأما قولهم كما سمي الذبيح ولم يذبح فما سماه الله تعالى قط ذبيحًا، ولا صح قط ذلك عن رسول الله -عليه السلام- وإذا كان هكذا فإنما هو قول مطلق عامي لا حجة فيه، وإنما أطلق ذلك من أطلق مسامحة، أو لأنه حمل