بالأبدان على ما فسره أهل المقالة الأولى، واحتملت أن تكون على ما ذكره عيسى بن أبان، واحتملت أن تكون الفرقة بالأقوال على ما فسره أهل المقالة الأخيرة، ولم ينتصب عنده دليل على ترجيح واحد من هذه المعاني على البقية، فلأجل ذلك فارق بائعه ببدنه؛ احتياطًا ليخرج بذلك من الشبهة، ويحتمل أيضًا أن يكون قد فعل ذلك ليكون بيعه على وجه لا يكون فيه خلاف، فإن بعض الناس قد ذهبوا أن البيع لا يتم إلا بذلك، وهو قد يرى أنه يتم بغيره، ففعل ذلك ليكون بيعه تامًّا في قوله وقول مخالفه، حتى لا يكون لبائعه سبيل في نقض البيع عليه عند الكل، فإذا كان كذلك فبذا يدفع الاستدلال به على الخصم.
ص: وقد روي عنه ما يدل على أن رأيه كان في الفرقة بخلاف ما ذهب إليه من ذهب أن البيع يتم بها، وذلك أن سليمان بن شعيب قد حدثنا، قال: ثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن حمزة بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال:"ما أدركت الصفقة حيًّا، فهو من مال المبتاع".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب ... فذكر بإسناده مثله.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا ابن عمر قد كان يذهب فيما أدركت الصفقة حيًّا فهلك بعدها أنه من مال المشتري؛ فدل ذلك أنه كان يرى أن البيع يتم بالأقوال قبل الفرقة التي تكون بعد ذلك، وأن المبيع ينتقل بتلك الأقوال من ملك البائع إلى ملك المبتاع، حتى يهلك من ماله إن هلك، فهذا الذي ذكرنا أدل على مذهب ابن عمر في الفرقة التي شمعها من النبي -عليه السلام- مما ذكروا.
ش: هذا جواب آخر عن ما ذكروه من فعل ابن عمر المذكور، تقريره أن يقال: إن ما ذكرتم عن ابن عمر -رضي الله عنه- من فعله الذي استدل به على مراد رسول الله -عليه السلام- في الفرقة يعارضه ما روي عنه مما يدل على أن رأيه كان في الفرقة بخلاف ذلك، بيانه أنه قال:"ما أدركت الصفقة حيا فهو من مال المبتاع" فهذا يدل على أنه قد كان