ص: وخالف ذلك كله آخرون، فقالوا: ليس للمشتري ردها بالعيب، ولكنه يرجع على البائع بنقصان العيب، وممن قال ذلك: أبو حنيفة ومحمد -رحمهما الله-.
ش: أي خالف ما ذكر من الحكم كله جماعة آخرون، وأرد بهم: فقهاء الكوفيين وأبا حنيفة ومحمدًا ومالكا -في رواية- وأبا يوسف -في المشهور عنه- وأشهب من المالكية فإنهم قالوا: ليس للمشتري رد المصراة بخيار العيب ولكنه يرجع على البائع بنقصان العيب.
وفي "المحلى"(١) قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن: إن كان اللبن حاضرًا لم يتغير ردها ورد اللبن، وإلا يرد معها صاعا من تمر ولا شيئًا، وإن كان قد أكل اللبن ردها وقيمة ما أكل من اللبن.
قلت: وفي كتب أصحابنا الحنفية: ليس له أن يرد المصراة؛ لأنه وجد ما يمنع الرد، وهو الزيادة المنفصلة عنها، وفي الرجوع بالنقصان روايتان عن أبي حنيفة، في رواية شرح الطحاوي يرجع على البائع بالنقصان من الثمن لتعذر الرد، وفي رواية الإصرار لا يرجع؛ لأن اجتماع اللبن وجمعه لا يكون عيبا. والله أعلم.
ص: وذهبوا إلى أن ما روي عن رسول الله -عليه السلام- في ذلك -مما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب- منسوخ، فروي عنهم هذا الكلام مجملا، ثم اختلف عنهم من بعد في الذي نسخ ذلك ما هو؟
فقال محمد بن شجاع فيما أخبرني به ابن أبي عمران عنه نسخه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم من هذا الكتاب، فلما قطع رسول الله -عليه السلام- بالفرقة الخيار؛ ثبت بذلك أنه لا خيار لأحد بعدها، إلا لمن استثناه رسول الله -عليه السلام- في هذا الحديث بقوله:"إلا بيع الخيار".