أبي الضحى مسلم بن صُبَيْح الكوفي العطار، عن مسروق بن الأجدع عن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وأخرجه البيهقي في "سننه"(١): من حديث المسعودي، عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: أشهد على الصادق المصدوق أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"بيع المحفلات خلابة لا تحل خلابة المسلم". وقال البيهقي: هذا جاء بإسناد صحيح عن ابن مسعود قوله: ثم أخرجه من حديث الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود قال: قال عبد الله: "إياكم والمحفلات فإنها خلابة ولا تحل الخلابة لمسلم".
قوله:"أشهد على الصادق المصدوق" أراد به النبي -عليه السلام- فإنه هو الصادق في أقواله، المصدوق في نفسه من جهة غيره.
و"المحفلات" جمع مُحَفَّلة -بضم الميم وتشديد الفاء- وهي الشاة أو البقرة أو الناقة لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة فزاد في ثمنها، ثم يظهر له بعد ذلك نقص لبنها عن أيام تحفيلها، سميت محفلة لأن اللبن حُفِّل في ضرعها، أي جمع.
قوله:"خِلابه" بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام، وهي الخداع والتغرير، وقال الجوهري: الخلابة: الخديعة باللسان، تقول منه خَلَبَه يَخْلُبُه بالضم، واختلبه مثله، وفي المثل: إذا لم تَغْلب فاخلب، أي: فاخدع. وفيه: دلالة على أن التصرية والتحفيل مكروه منهي عنها، وأن بائع المحفلات مخالف ما أمر به رسول الله -عليه السلام- وداخل فيما نهى عنه، فلأجل هذا كانت عقوبته في ذلك أن يجعل اللبن المحلوب في هذه الأيام كانت تساوي جملة من الصيعان، فكانت فيه عقوبة للبائع بالمال، ولكن لما نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي، ردت إلى ما ذكرنا من أن الحكم استقر على أن يؤخذ في الأموال مثلها إن كانت مثلية، وقيمتها إن كانت لا مثل لها، والله أعلم.