سلعتك هذه، أو زِنْ ما يوزن، أو اعدد ما يعدّ من ذلك، فما نقص من كذا فَعَلَيَّ غرمه وما زاد فلي، أضمن ما نقص على أن يكون لي ما زاد، فليس ذلك بيعا ولكنه مخاطرة أو قمار.
قال: ومن ذلك أن يكون له ثوب فيقول له رجل أضمن لك من ثوبك هذا كذا وكذا ظهارة، قدر كل ظهارة كذا أو يقول لرجل له جلود: أضمن لك من جلودك هذه نعالًا مائة، فما ينقص من ذلك كله فَعَلَيّ، وما زاد فلي، بما ضمنت لك، ومثله أن يقول لرجل له حب البان: اعصر حبك، فما نقص من كذا وكذا رطلا فعلي أن أعطيكه وما زاد فهو لي، أو يقول لرجل له خبط أو نوى أو غير ذلك: أبتاع منك هذا الخبط بخبط مثله، أو هذا النوى بكذا وكذا صاعًا من نوى مثله، أو في غير ذلك مثل هذا.
فهذا كله من المزابنة التي لا تصح ولا تجوز، وقال الشافعي: المزابنة الجزاف بالمكيل، والجزاف بالجزاف فيما لا يجوز بعضه ببعض متفاضلاً، يدًا بيدٍ ونحوه نقل عن أحمد، وقال أصحابنا: المزابنة: بيع الرطب على النخل بتمر مجزوز مثل كيله خرصًا وهو بيع فاسد، وقال الشافعي: يجوز فيما دون خمسة أوسق، وبه قال أحمد، وله في الخمسة قولان، وفي الزائد يبطل قولاً واحدًا.
قوله:"والمخاضرة" بالخاء والضاد المعجمتين، وهي بيع الثمار خاضرًا لم يبد صلاحها.
وقال أبو عمر: المزابنة عام؛ لأنها تطلق على اشتراء التمر بالتمر، وعلى اشتراء الزرع بالحنطة، وعلى بيع تمر حائط إن كان نخلا بتمر كيلا، وإن كان كرما بزبيب كيلا، وإن كان زرعا بكيلٍ طعاما، والمحاقلة خاص في الزرع، والمخاضرة خاص في الخضرة.
قوله:"والملامسة" وهي أن يقول إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يلمس المباع من وراء ثوب ولا ينظر إليه ثم يوقع البيع عليه، نهى عنه؛ لأنه غرر، أو لأنه تعليق أو عدول عن الصيغة