وقد ذكرناها، والرخصة عند الفقهاء تخصيص بعض الجملة المحظورة بالإباحة.
وباقي تفسير الألفاظ قد مَرَّ مستوفي.
ص: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بالتمر والرطب".
ش: إسناده صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم (١): من حديث سالم، عن أبيه عن زيد بن ثابت، عن رسول الله -عليه السلام-: "أنه رخص في بيع العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص في غير ذلك".
وذكر ابن زرقون في "شرح الموطأ" أنه سماه بيعًا لما فيه من معنى المعاوضة، ولوجه آخر من معني البيع وهو أنه لا يثبت حكمه إلا باختيار المبتايعين.
وقال القاضي في "شرح مسلم": هذا الحديث مخالف لما قبله؛ لأنه لا يجوز بيعها بالرطب وإنما هي رخصة فلا تجوز إلا على ما وردت به، وجل الأحاديث لم يُذكر فيها إلا شراءها بالتمر، وهذا الذي وقع ها هنا بالرطب أو بالتمر، لو تركنا نقيض اللسان لاحتمل أن يكون شكا من الراوي؛ هل قال -عليه السلام-: بالرطب، أم قال: بالتمر؟ وشك الراوي يمنع من النطق به في الرطب.
قلت: يدفع ما قاله في ذلك ما جاء في رواية أبي داود "بالتمر والرطب" بحرف الواو دون "أو"، وكذلك في رواية الطحاوي على ما مَرَّت.
وقال القاضي أيضًا: قد قال بعض أصحابنا في حديث خارجة: هو حديث أنفرد به راويه وجاء بخلاف سائر الأحاديث وذلك يقدح فيه.
قلت: لا نسلم هذا الكلام؛ لأن رواة هذا الحديث كلهم حفاظ ثقات، وأئمة مشهورون، وتفرد واحد منهم برواية لا يضر.