للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب مالك جوازه؛ لأنه بتمام العقد صار في ضمان البائع، فخرج من النهي عن ربح ما لم يضمن، وبجوازه قال عثمان وسعيد بن المسيب والحسن والحكم والأوزاعي وإسحاق.

وذهب الكوفيون والشافعي وأبو ثور وأحمد وداود إلى منعه.

وقد بقي من الخلاف في أصل المسألة ما روي عن مالك: أن ذلك يختص فيما لا يجوز فيه التفاضل والطعام، رواه عنه ابن وهب، وإن كان قد ذكر غير واحد أن العلماء لم يختلفوا في منع ذلك في جميع الطعام، والمشهور عن مالك عمومه في جميع المطعومات، وهو قول أبي ثور وأحمد، في كل ما يقع عليه اسم مطعوم، وذهب الشافعي إلى عموم ذلك في أنواع المبيعات، ووافقه أبو حنيفة واستثني العقار وحده.

وقال آخرون: كل بيع على الكيل أو الوزن طعامًا أو غيره، فلا يباع حتى يقبض.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ذلك النهي قد وقع على الطعام وغير الطعام، وإن كان المذكور في الآثار التي ذكر ذلك النهي فيها هو الطعام.

واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أحمد بن خالد الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن أبي الزناد، عن عبيد بن حنين، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "ابتعت زيتًا بالسوق، فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفتُّ إليه، فإذا زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله -عليه السلام- نهانا أن نبيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم".

فلما أخبر زيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه السلام- بأن الزيت قد دخل فيما كان نهى عن بيعه قبل قبضه -وهو غير الطعام الذي كان ابن عمر علم من رسول الله -عليه السلام- النهي عن منعه بعد ابتياعه حتى يقبض، وعمل ابن عمر على ذلك، فأراد بيع الزيت قبل قبضه، لأنه ليس من الطعام، فقُبِلَ ذلك منه ابن عمر -رضي الله عنهما-، ولم يكن ما كان سمع من رسول الله -عليه السلام-مما ذكرناه عنه في أول هذا الباب من قصده إلى الطعام- بمانع

<<  <  ج: ص:  >  >>