للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنيين: فإن مساومة النبي -عليه السلام- لجابر -رضي الله عنه- إنما كانت على البعير ولم يشترط في ذلك لجابر ركوبًا. قال جابر: "فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي".

فوجه هذا الحديث أن البيع إنما كان على ما كانت عليه المساومة من النبي -عليه السلام-، ثم كان الاسئثناء للركوب من بعد وكان ذلك الاستثناء مفصولًا من البيع؛ لأنه إنما كان بعده؛ فليس في ذلك حجة تدلنا كيف كان حكم البيع لو كان ذلك الاسئثناء مشروطًا في عقدته، هل هو كذلك أم لا؟

وأما الحجة الأخرى: فإن جابرًا -رضي الله عنه- قال: "فلما قدمت المدينة أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبعير فقلت: هذا بعيرك، فقال: لعلك تُرَى أني إنما حبستك لأذهب ببعيرك؟! يا بلال أعطه أوقية وحد بعيرك فهما لك" فدلَّ ذلك أن ذلك القول الأول لم يكن على التبايع، فلو ثبت أن الاشتراط للركوب كان في أصله بعد ثبوت هذه العلة لم يكن في هذا الحديث حجة؛ لأن المشروط فيه ذلك الشرط لم يكن بيعًا، ولأن النبي -عليه السلام- لم يكن ملك البعير على جابر -رضي الله عنه-؛ فكان اشتراط جابر للركوب اشتراطًا فيما هو له مالك، فليس في هذا دليل على حكم ذلك الشرط لو وقع في بيع يوجب الملك للمشتري كيف كان حكمه.

ش: أي فكان من الدليل والبرهان للجماعة الآخرين الذين افترقوا على فرقتين، وأراد به: الجواب عن استدلال أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه بحديث جابر -رضي الله عنه- المذكور.

وحاصله: أنه أجاب عن ذلك بثلاثة أجوبة: الأول والثاني بطريق المنع، والثالث بطريق التسليم.

أما الأول: فلا نسلم أن هذا العقد كان فيه شرط؛ لأنه -عليه السلام- إنما ساوم جابرًا على البعير ولم يشترط له ركوبًا، وإنما جابر هو الذي قال: "بعته واستثنيت حملانه إلى أهلي" فيكون استثناؤه للركوب مفصولًا من العقد؛ لأنه إنما وقع بعد العقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>