قال إسماعيل: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قتادة:"أن شريحًا قال في رجل ترك جدة وابنة ومولى، قال: للجد السدس من الولاء، وما بقي فللابن". قال قتادة: وقال زيد: "الولاء كله للابن".
قال أبو عمر: وعليه الناس اليوم.
السادس عشر: احتج بقوله: "الولاء لمن أعتق" من لا يجيز العتق عن غيره بغير أمره.
وتحقيق الكلام ها هنا ما قاله أبو عمر في "التمهيد": أجمع المسلمون على أن المسلم إذا أعتق عبده المسلم عن نفسه فإن الولاء له، هذا ما لا خلاف فيه.
واختلفوا فيمن أعتق عن غيره رقبة بغير إذن المعتق عنه ودون أمره.
وكذلك اختلفوا في النصراني يعتق عبده المسلم قبل أن يباع عليه، وفي ولاء المعتق سائبة، وفي ولاء الذي يُسْلم على يد رجل. فقالوا في ذلك كله أقاويل شتى.
فأما عتق الرجل عن غيره: فإن مالكًا وأصحابه إلا أشهبًا قالوا: الولاء للمعتق عنه وسواء أمر بذلك أو لم يأمره إذا كان مسلمًا، فإن كان نصرانيًّا فالولاء لجماعة المسلمين.
وكذلك قال الليث بن سعد في ذلك كله.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: من أعتق عن غيره فالولاء للمعتق عنه كقول مالك.
وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: إن قال: أعتق عبدك عني. على مال ذكره، فالولاء للمعتق عنه؛ لأنه بيع صحيح.
وإذا قال: أعتق عبدك عني بغير مال، فأعتقه فالولاء للمعتق؛ لأن الآمر لم يملك منه شيئًا وهي هبة باطلة؛ لأنها لا يصح فيها القبض.
وقال الشافعي: إذا أعتقت عبدك عن رجل حي أو ميت بغير إكراه فولاؤه لك، وإن أعتقته عنه بأمره بعوض أو غير عوض فولاؤه له دونك، ويجزئه بمال أو بغير مال، وسواء قبله المعتق عنه بعد ذلك أو لم يقبله.