قال الشافعي: ولا يكون ولاء لغير معتق أبدًا، وكذلك قال أحمد وداود.
وقال الأوزاعي فيمن أعتق عن غيره: الولاء للمعتق.
وأما النصراني يعتق عبده المسلم قبل أن يباع عليه؛ فإن مالكًا قال: ليس له من ولائه شيء، وولاؤه لجماعة المسلمين، ولا يرجع إليه الولاء أبدًا وإن أسلم، ولا إلى ورثته وإن كانوا مسلمين.
وقال الشافعي والعراقيون وأصحابهم: ولاؤه له، واحتجوا بعموم قوله -عليه السلام-: "الولاء لمن أعتق" لم يخص مسلمًا من كافر ولو لم يكن له عليه ملك ما بيع عليه، ودفع ثمنه إليه.
قال أبو عمر -رحمه الله-: أما المسلم إذا أعتق عبده النصراني فلا خلاف بين العلماء أن له ولاءه، وأنه يرثه إن أسلم إذا لم يكن له وارث من نسبه يحجبه، فإن مات العبد وهو نصراني فلا خلاف علمته أيضًا بين الفقهاء أن ماله يوضع في بيت مال المسلمين ويجري مجرى الفيء؛ إلا ما ذكره أشهب عن المخزومي، فإنه قال عنه: إن ميراثه لأهل دينه.
وأما الحربي يعتق مملوكه ثم يخرجان مسلمين: فإن أبا حنيفة وأصحابه قالوا: للعبد أن يوالي من شاء، ولا يكون ولاؤه للمعتق، فكذلك عندهم كل كافر أعتق كافرًا، وقال الشافعي: له ولاؤه ويرثه إذا أسلم، واستحسنه أبو يوسف، وهو قياس قول مالك في الذمي يعتق الذمي ثم يسلمان.
وأما المعتق سائبة: فإن ابن وهب روى عن مالك قال: لا يعتق أحد سائبة.
قال أبو عمر: كل من أعتق سائبة نفذ عتقه وكان ولاؤه لجماعة المسلمين، هكذا روى ابن القاسم وابن عبد الحكم وأشهب وغيرهم عن مالك، وهو المشهور من مذهبه.
وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما: من أعتق سائبة فولاؤه له، وهو يرثه دون الناس، وهو قول الشعبي وعطاء والحسن وابن سيرين وضمرة بن حبيب وراشد بن سعد، وبه يقول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم.