وحجتهم في ذلك: قوله -عليه السلام-: "الولاء لمن أعتق" فانتفى بذلك أن يكون الولاء لغير معتق.
وأما الذي يسلم على يدي رجل أو يواليه: فإن مالكًا وأصحابه وعبد الله بن شبرمة والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحابه قالوا: لا ميراث للذي أسلم على يديه ولا ولاء له بحال، وميراث ذلك إن لم يدع وارثًا لجماعة المسلمين، وهو قول أحمد وداود، وحجتهم: قوله -عليه السلام-: "الولاء لمن أعتق".
وقال الليث بن سعد وربيعة: من أسلم على يدي رجل فولاؤه وميراثه للذي أسلم على يديه، قال الليث: إذا لم يدع وارثًا غيره. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه؛ إذا والاه وعاقده ثم مات ولا وارث له غيره فميراثه له، والله أعلم.
ص: فكان من الحجة عليهم: أن هذه الآثار هكذا رويت: "أنها أرادت أن تشتريها فتعتقها فأبى أهلها إلا أن يكون ولاءها لهم"، وقد رواها آخرون على خلاف ذلك.
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني رجال من أهل العلم، منهم: يونس بن يزيد والليث، عن ابن شهاب، حدثهم عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت:"جاءت بريرة إليَّ فقالت: يا عائشة إني قد كاتبت أهلي على تسع أواقٍ، في كل عام أوقية، فأعينيني، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعًا ويكون ولاؤك لي فعلت.
فذهبت إلى أهلها فعرضت ذلك عليهم فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله -عليه السلام- فقال: لا يمنعك منها ذلك، ابتاعي وأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق، وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فما بال ناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، فإنما الولاء لمن أعتق".