للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو جعفر -رحمه الله-: ففي هذا الحديث ما يدل أن أرض مكة تملك وتورث؛ لأنه قد ذكر فيها ميراث عقيل وطالب لما تركه أبو طالب فيها من رباع ودور، فهذا خلاف الحديث الأول.

ولما اختلفا احتيج إلى النظر في ذلك ليستخرج من القولين قول صحيح، ولو كان على طريق اختيار الأسانيد وصرف القول إلى ذلك؛ لكان حديث علي بن حسين أصحهما إسنادًا ولكنها تحتاج إلى كشف ذلك من طريق النظر.

فاعتبرنا ذلك فرأينا المسجد الحرام كل الناس فيه سواء؛ لا يجوز لأحد أن يبني فيه بناء ولا يحتجز منه موضعًا، وكذلك حكم جميع المواضع التي لا يقع لأحد فيها ملك وجميع الناس فيها سواء، ألا ترى أن عرفة لو أراد الرجل أن يبني في المكان الذي يقف فيه الناس بناء لم يكن ذلك له؟ وكذلك منى لو أراد أن يبني فيه دارًا كان من ذلك ممنوعًا؟ وكذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحكم بن مروان الضرير الكوفي، قال: ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن يوسف بن ماهك، عن أمه، عن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: "قلت: يا رسول الله، ألا نتخد لك بمنى بيتًا تستظل فيه؟ فقال: يا عائشة إنها مبنية لمن سبق".

أفلا ترى أن رسول الله -عليه السلام- لم يأذن لهم أن يجعلوا له فيها بيتًا يستظل فيه؟ لأنه مناخ من سبق؛ لأن الناس كلهم فيها سواء.

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي (ح).

وحدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: ثنا أبو نعيم، قالا: ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن يوسف بن ماهك، عن أمه -وكانت تخدم عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-- فحدثته عن عائشة مثله.

قال: وسألت أمي مكان عائشة بعدما توفي النبي -عليه السلام- أن تعطيها إياه فقالت لها عائشة: لا أحل لك ولا لأحد من أهل بيتي أن يستحل هذا المكان -تعني منى.

<<  <  ج: ص:  >  >>