للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمر (١): احتجت طائفة بحديث عبد الله بن المغفل أن الأمر بقتل الكلاب منسوخ، واحتجوا أيضًا بما رواه سعيد بن المسيب: "أن رسول الله -عليه السلام- أمر بقتل الكلاب ثم قال: إنها أمة ولا أحب أن أفنيها, ولكن اقتلوا كل أسود بهيم".

وقد قال ابن جريج في حديث أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب. قال: فكنا نقتلها حتى قال: إنها أمة من الأمم، ثم نهى عن قتلها، وقال: عليكم بالأسود ذي الذقين -أو قال: ذي النكتتين- فإنه شيطان".

ومنها ما روته عائشة -رضي الله عنها-:

أخرجه عن فهد بن سليمان، عن علي بن معبد بن شداد العبدي، عن إسماعيل ابن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص المدني، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة -رضي الله عنها-.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢): ثنا يزيد، أنا محمد -يعني ابن عمرو- عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "واعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل -عليه السلام- في ساعة أن يأتيه فيها، فراث عليه أن يأتيه فيها، فخرج رسول الله -عليه السلام- فوجده بالباب قائمًا، فقال رسول الله -عليه السلام-: إني انتظرتك لميعادكَ؟! فقال: إن في البيت كلبًا ولا ندخل بيتًا فيه كلب؛ ولا صورة، وكان تحت سرير عائشة -رضي الله عنها- جرو كلب؛ فأمر به رسول الله -عليه السلام- فأخرج، ثم أمر بالكلاب حين أصبح فقتلت".

قوله: "إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب" قيل: هو خصوص لجبريل -عليه السلام- وحده، بدليل الحفظة، وقيل: بل الملائكة على عموم الحديث.

قلت: الظاهر أن المراد منه الملائكة كلهم غير الحفظة؛ لأن الحفظة لا يفارقون بني آدم، والله أعلم.


(١) "التمهيد" (١٤/ ٢٢٨).
(٢) "مسند أحمد" (٦/ ١٤٢ رقم ٢٥١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>