هذه الآية أعادت الجوارح المكلبين إلى أن صيرتها حلالاً، وإذا صارت كذلك كانت في حكم سائر الأشياء التي هي حلال في حل إمساكها، وإباحة أثمانها، وضمان متلفيها ما أتلفوا منها كغيرها.
ش: ذكر حديث أبي رافع تأييدًا لما ذكره فيما مضى من انتساخ حكم الأمر بقتل الكلاب وحكم النهي عن اتخاذها، وبيانًا أن حديث أبي رافع مثل الأحاديث المذكور في إباحة اتخاذ الكلاب بعد الأمر بقتلها، مع زيادة فيه على تلك الأحاديث وهي أنه يتضمن نزول قوله تعالى:{قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}(١) بعد تحريم الكلاب، فتكون هذه الآية أيضًا ناسخة لما تقدم من الأحاديث التي فيها الأمر بقتل الكلاب والنهي عن اتخاذها فبينت هذه الآية أن اتخاذ هذه الجوارح حلال، فإذا كانت حلالاً صار حكمها كحكم سائر الأشياء التي هي حلال، في حل إمساكها، وجواز بيعها، وإباحة أثمانها، وفي وجوب الضمان على متلفيها كما في غيرها من الأشياء.
وفي هذا الفصل خلاف.
فعند أبي حنيفة وأصحابه: إذا قتل كلب رجل الذي يصيد به أو يقتنيه لزرعه أو لماشيته أو نحو ذلك؛ تجب عليه قيمته.
وقال أبو عمر -رحمه الله-: لا خلاف عن مالك أن من قتل كلب صيد أو ماشية أو زرع فعليه القيمة، ومن قتل غيرها من الكلاب فليس عليه شيء.
وروي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه جعل في كلب الصيد القيمة. وعن عطاء مثله.
وعن ابن عمر أنه أوجب فيه أربعين درهمًا وأوجب في كلب ماشية فرقًا من طعام.
وعن عثمان -رضي الله عنه- أنه أجاز الكلب الضاري، وجعل على قاتله عشرًا من الإبل.