قال محمد في الزيادات: إذا صدم الكلب الصيد ولم يجرحه فمات لم يؤكل؛ لأنه لم يجرح بناب أو مخلب، ألا ترى إلى، قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}(١) فإنما يحل صيد ما يجرح بناب أو مخلب فإذا كان الاسم يقع عليهما فليس يمتنع أن يكونا مرادين باللفظ؛ فيريد بالكواسب ما يكسب بالاصطياد فيقيد الأصناف التي يصاد بها من الكلاب والفهود وسباع الطير وجميع ما يقبل التعليم.
قوله تعالى:{مُكَلِّبِينَ} قد قيل فيه وجهان: أحدهما: أن المكلب هو صاحب الكلب الذي يعلمه الصيد ويؤدبه، وقيل: معناه مضرِّين على الصيد كما تضرى الكلاب، والتكلب هو التضرية، يقال: كَلَبَ كلبٌ إذا ضرى بالناس، وليس في قوله {مُكَلِّبِينَ} تخصيص الكلاب دون غيرها من الجوارح إذا كانت التضرية عامة فيهن، وكذلك إن أراد به تأديب الكلب وتعليمه كان ذلك عمومًا في سائر الجوارح.
ص: وقد روي في ذلك عمن بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -:
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: سمعت ابن جريج يحدث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "أنه قضى في كلب صيد قتله رجل بأربعين درهمًا، وقضى في كلب ماشية بكبش".
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-: "أنه نهى عن ثمن الكلب".
ولم يفسر أي كلب هو، فلم يخل ذلك من أحد وجهين: إما أن يكون أراد خلاف كلاب المنافع، أو يكون أراد كل الكلاب، ثم ثبت عنده نسخ كلب الصيد منها فاستثناه في هذا الحديث.
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن عطاء، قال:"لا بأس بثمن الكلب السلوقي".