الثاني: عن محمد بن خزيمة، عن يوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي.
وهذا إسناد صحيح.
قوله:"عن دعاء الديلم" قال الجوهري: الديلم: جيل من الناس.
قلت: الديلم طائفة من الفرس وهم سكان الجبال في أرض طبرستان، وهي جبال منيفة إلى الغاية والنهاية.
ص: وقد تكلم الناس في المرتد عن الإسلام أيستتاب أم لا؟ فقال قوم: إن استتاب الإِمام المرتد فهو أحسن فإن تاب وإلا قتله، وممن قال ذلك: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
وقال آخرون: لا يستتاب، وجعلوا حكمه حكم الحربيين على ما ذكرنا من بلوغ الدعوة إياهم وفي تقصيرها عنهم، وقالوا: إنما تجب الاستتابة لمن خرج عن الإِسلام لا عن بصيرة منه به، فأما من خرج عنه إلى غيره على بصيرة منه فإنه يقتل ولا يستتاب، وهذا قولٌ قد قال به أبو يوسف في كتاب "الإملاء" فقال: أقتله ولا أستتيبه إلا إنه إن بدرني بالتوبة خليت سبيله ووكلت أمره إلى الله -عز وجل-.
وقد حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن أبي يوسف بذلك أيضًا.
ش: إنما ذكر حكم المرتد واختلاف الناس فيه والآثار الواردة فيه استطرادًا لما ذكره من الخلاف في وجوب الدعوة قبل القتال مع الكفار وعدم وجوبها.
والهمزة في قوله:"أَيُسْتَتَاب" للاستفهام، وهو على صيغة المجهول من الاستتابة، وهي طلب التوبة.
قوله:"فقال قوم" أراد بهم: عمر بن عبد العزيز والشعبي والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي في قول، فإنهم قالوا: حكم المرتد أن يقتل، وعرض الإِسلام عليه ليس بواجب؛ لأنه قد بلغته الدعوة، ولكن الإِمام إن استتابه فحسن، فإن تاب قبلت توبته وإلا يقتل.