قوله:"وقال آخرون" أي جماعة آخرون: "لا يستتاب المرتد بل يقتل"، وأراد بهؤلاء: الحسن البصري والليث بن سعد وسفيان بن محمد بن الجراد. ومذهبهم منقول عن أنس -رضي الله عنه-.
وقال أبو بكر الرازي: وقال الليث: الناس لا يستتيبون مَن وُلد في الإِسلام إذا شُهد عليه بالردة، ولكنه يقتل تاب في ذلك أو لم يتب إذا كانت البينة العادلة.
وقال الشافعي: يستتاب المرتد ظاهرًا، والزنديق إن تاب قُبل وإن لم يتب قُتل، وفي الاستتابة ثلاثًا، قولان.
وقال أيضًا: اختلف في استتابة المرتد والزنديق، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر في الأصل: لا يقتل المرتد حتى يستتاب، ومَن قتل مرتدًّا قبل أن يستتاب فلا ضمان عليه.
وذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف في الزنديق الذي يُظهر الإِسلام: قال أبو حنيفة: أستتيبه كالمرتد، فإن أسلم خَلَّيْت سبيله، وإن أبى قتلته. وقال أبو يوسف بذلك زمانًا فلما رأى ما يصنع الزنادقة ويعودون قال: أرى إذا أُتيت بزنديق أمرت بضرب عنقه ولا أستتيبه، فإن تاب قبل أن أقتله خَلَّيْته.
وذكر سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن أبي يوسف قال: إذا زعم الزنديق أنه قد تاب حبسته حتى أعلم توبته.
وذكر محمد في "السير" عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة: أن المرتد يُعْرَض عليه الإِسلام، فإن أسلم وإلا قتل مكانه، إلا أن يَطْلب أن يؤجل، فإن طلب ذلك أُجِّل ثلاثة أيام؛ ولم يحك خلافًا.
وقال ابن حزم في "المحلى" ما ملخصه: إن الناس اختلفوا في حكم المرتد، فقالت طائفة: لا يستتاب. وهو قول أبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وطاوس وعبيد ابن عمير والحسن البصري.