للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيمانك فلعل هذا أيضًا كان ممن يكتم إيمانه بين المشركين وخرج معهم كرهًا كما أخرج أهل مكة من كان معهم من المسلمين إلى بدر كرهًا.

فإن قيل: إذا كان المعنى كذلك؛ فكيف ذاك الرجل يقطع اليد والحال أنه ممن يكتم إيمانه؟.

قلت: إنما فعل ذلك دفعًا عن نفسه من يريد قتله، فجاز له كما جاز للمؤمن إذا أراد أن يقتله مؤمن أن يدفع عن نفسه بالقتل ونحوه.

وإنما لم يقد -عليه السلام- قتيل أسامة لما قتله بعد أن قال: لا إله إلا الله وذلك حين بعثه -عليه السلام- مع سرية إلى الحرقات؛ لأنه قتله متأولاً.

وقيل: معنى هذا الكلام: إنك مثله قبل أن يقولها في مخالفة الحق وارتكاب الإثم، وإن اختلفت أنواع المخالفة والإثم.

وقيل: إنك مثله يعني كنت كمثله قبل أن يقولها في إباحة الدم؛ لأن الكافر قبل أن يسلم مباح الدم بحق الدين، فإذا أسلم فقتله قاتل؛ كان مباح الدم بحق القصاص.

قوله: "وهو بمنزلتك قبل أن تقتله" أي وهو مثلك مسلم قبل أن يقتل فكيف تقتله؟

ويستفاد من الحديث: إن تلفظ بكلمة التوحيد يحكم بإسلامه، ولكن هذا في حق المشرك الذي ينفي صانع العالم، أو يعترف بوجود الصانع ولكنه يشرك، وعن قريب يأتي الكلام فيه مستقصى.

ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن النعمان، أن عمرو بن أوس أخبره أن أباه أوسًا قال: "إنا لقعود عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصفة وهو يقص علينا ويذكرنا إذا أتاه رجل فسارَّه، قال: اذهبوا فاقتلوه، فلما ولى الرجل دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أما تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال الرجل: نعم، قال رسول الله -عليه السلام-: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ثم تحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>