قال الخطابي: قال الشافعي: إذا احتلم الغلام أو بلغ خمس عشرة؛ كان حكمه حكم البالغين في إقامة الحدود عليه، وكذلك الجارية.
وأما الإنبات فلا يكون حد للبلوغ، وإنما يفصل به بين أهل الشرك فتقتل مقاتلتهم بالإنبات، وجعله أحمد وإسحاق بلوغًا، وحكي مثله عن مالك.
فأما في السنن فإنه قال: إذا احتلم الغلام أو بلغ من السنن ما لا يبلغه غيره فحكمه حكم الرجال، ولم يجعل الخمس عشرة سنة حدًّا في ذلك.
وقال أبو حنيفة في حد البلوغ: استكمال ثماني عشرة إلا أن يحتلم قبل ذلك، وفي الجارية سبع عشرة إلا أن تحيض قبل ذلك.
وقال الخطابي أيضًا: يشبه أن يكون المعنى عند من فرق بين أهل الإِسلام وبين أهل الكفر حيث جعل الإنبات في الكفار ولم يعتبره في المسلمين؛ هو أن أهل الكفر لا يوقف على بلوغهم من جهة السن ولا يمكن الرجوع إلى قولهم؛ لأنهم متهمون في ذلك لدفع القتل عن أنفسهم.
فأما المسلمون وأولادهم فقد يمكن الوقوف على مقادير أسنانهم؛ لأنها محفوظة وأوقات المواليد فيهم مؤرخة معلومة.
قوله:"وقالوا" أي الآخرون: "وقد شدً هذا المعنى" وهو كون حكم ابن خمس عشرة سنة كحكم البالغين في أحكامهم كلها.
ص: وكان من الحجة لأبي حنيفة على أبي يوسف ومحمد في حديث ابن عمر أنه قد يجوز أن يكون النبي -عليه السلام- رده وهو ابن أربع عشرة سنة لا أنه غير بالغ، ولكن لما رأى من ضعفه، وأجازه وهو ابن خمس عشرة سنة لبس؛ لأنه بالغ، ولكن لما رأى من جَلَدِه وقوته، وقد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- ما علم كم سنه في الحالين جميعًا، وقد فعل رسول الله -عليه السلام- في سمرة بن جندب ما يدل على هذا أيضًا.
حدثنا أحمد بن مسعود الخياط، قال: حدثنا محمد بن عيسى الطباع، قال: ثنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، أن أمه -وكانت