للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة من فزارة فذهبت به إلى المدينة وهو صبي، وكثر خطابها وكانت امرأة جميلة، فجعلت تقول: لا أتزوج إلا من تكفل لي بابني هذا فتزوجها رجل على ذلك، فلما فرض النبي -عليه السلام- لغلمان الأنصار لم يفرض له كأنه استصغره، فقال: يا رسول الله لقد فرضت لصبي أنا أصرعه ولم تفرض لي، قال: صارعه، فصرعه، ففرض له النبي -عليه السلام- فلما أجاز رسول الله -عليه السلام- سمرة بن جندب لما صارع الأنصاري، لا لأنه قد بلغ، احتمل أن يكون كذلك أيضًا ما فعل في ابن عمر أجازه حين أجازه لقوته لا لبلوغه، ورده حين رده لضعفه لا لعدم بلوغه، فانتفى بما ذكرنا أن يكون في ذلك حجة لأبي يوسف لاحتماله ما ذهب إليه أبو حنيفة؛ لأن أبا حنيفة لا ينكر أن يفرض للصبيان إذا كانوا يحتملون القتال ويشهدون الحرب وإن كانوا غير بالغين.

ش: هذه إشارة إلى الجواب عما احتج به أبو يوسف ومحمد في بلوغ الصبي بالسن خمسة عشر سنة من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-] (١) نصرة لأبي حنيفة.

بيانه: أن حديث ابن عمر لا يتم به الاستدلال على ذلك من وجهين:

الأول: أنه يحتمل أن يكون رد النبي -عليه السلام- إياه وهو ابن أربع عشرة سنة لا لأجل أنه غير بالغ، بل لكونه ضعيفًا لا يقدر على القتال، وإجازته له وهو ابن خمس عشرة سنة لا لأجل أنه بالغ؛ بل لكونه جَلدًا قويًا على القتال.

الثاني: يحتمل أن النبي -عليه السلام- ما علم سن عبد الله في الحالين جميعًا، لا في وقت كون عمره ابن أربع عشرة سنة، ولا في وقت كونه ابن خمس عشرة سنة، والدليل على هذا: قصة سمرة بن جندب، وهي ظاهرة، فإذا كان الأمر كذلك لا يكون لأبي يوسف ومحمد حجة على أبي حنيفة في الاستدلال بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

وأخرج حديث سمرة بإسناد صحيح: عن أحمد بن مسعود الخياط ببيت المقدس شيخ الطبراني أيضًا، عن محمد بن عيسى بن نجيح البغدادي أبي جعفر الطباع شيخ أبي داود والبخاري في التعليقات، وثقه النسائي وابن حبان.


(١) طمس في "الأصل" بمقدار لوحة، والمثبت من "ك".

<<  <  ج: ص:  >  >>