وقال أبو عمر: اختلفوا في رمي الحصون بالمنجنيق إذا كان فيها أطفال المشركين أو أسارى المسلمين، فقال مالك: لا يرمى الحصن ولا تحرق سفينة الكفار إذا كان فيهم أسارى المسلمين.
وقال الأوزاعي: إذا تترس الكفار بأطفال المسلمين لم يُرْمَوا, ولا تحرق المركب فيه أُسارى المسلمين.
ص: ووافقهم آخرون على صحة هذه الآثار وعلى تواترها وقالوا: إنما وقع النهي في ذلك على القصد إلى قتل النساء والولدان، فأما على طلب قتل غيرهم ممن لا يوصل إلى ذلك منه إلا بتلف صبيانهم ونسائهم فلا بأس بذلك.
ش: أي وافق القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم: سفيان الثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي -في الصحيح- وأحمد وإسحاق، وقالوا: نحن نوافقكم على صحة الأحاديث المذكورة، وأنها وردت بطرق صحيحة، ولكن المراد من النهي الوارد فيها هو أن تكون على القصد إلى قتل النساء والولدان، فأما إذا كان على طلب قتل غيرهم ممن لا يوصل إلى قتله إلا بتلف الصبيان أو النساء فلا بأس به.
وقال أبو عمر: قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: لا بأس برمي حصون المشركين وإن كان فيها أسارى من المسلمين وأطفال من المسلمين أو المشركين ولا بأس أن تحرق السفن ويقصد به المشركون فإن أصابوا واحدًا من المسلمين بذلك؛ فلا دية ولا كفارة.
وقال الثوري: إن أصابوه ففيه الكفارة ولا دية.
وقال الأوزاعي: إذا تترسوا بأطفال المسلمين لم يرموا.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة -رضي الله عنهم- قال:"سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أهل الديار من المشركين يبيتون ليلاً فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال: هم منهم".