للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: فذهب قومٌ إلى أن للإمام أن ينفل من الغنيمة ما أحب بعد إحرازه إياها قبل أن يقسمها كما كان له قبل ذلك، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: سعيد بن المسيب والحسن البصري والأوزاعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم قالوا: يجوز للإمام أن ينفل من الغنيمة ما شاء بعد إحرازه إياها قبل أن يقسمها كما كان له قبل ذلك، واستدلوا في ذلك بالحديث المذكور.

وقال ابن قدامة: ينفل الإِمام ومن استخلفه الإِمام كما فعل النبي -عليه السلام- في بدأته الربع بعد الخمس، وفي رجعته الثلث بعد الخمس النفل بزيادة تزاد على سهم الغازي، ومنه نفل الصلاة وهو ما زيد على الفرض، والنفل في الغزو ينقسم ثلاثة أقسام:

أحدها: هذا الذي ذكره الخرقي، وهو أن الإِمام أو نائبه إذا دخل دار الحرب غازيًا بعث بين يديه سرية تغير على العدو ويجعل لهم الربع بعد الخمس، فما قدمت به السرية من شيء، أخرج خمسه، ثم أعطى السرية ما جعل لهم وهو ربع الباقي وذلك خمسٌ آخر، ثم قسم ما بقي في الجيش والسرية معه، فإذا قفل بعث سرية تغير وجعل لهم الثلث بعد الخمس فما قدمت به السرية أخرج خمسه ثم أعطى السرية ثلث ما بقي، ثم قسم سائره في الجيش والسرية معه، وبهذا قال حبيب بن مسلمة والأوزاعي والحسن وجماعة، ويروى عن عمرو بن شعيب أنه قال: "لا نفل بعد رسول الله -عليه السلام-، ولا يجوز أن ينفل أكثر من الثلث". نصَّ عليه أحمد، وهذا قول مكحول والأوزاعي والجمهور من العلماء.

وقال الشافعي: لا حدّ للنفل، بل هو موكول إلى اجتهاد الإِمام.

القسم الثاني: أن ينفل بعض الجيش لعنائه وبأسه وبلائه، أو لمكروه تحمله دون سائر الجيش.

القسم الثالث: أن يقول الأمير: من طلع هذا الحصن أو هدم هذا السور أو نقب هذا النقب أو فعل كذا فله كذا، فهذا جائز في قول أكثر أهل العلم منهم الثوري.

<<  <  ج: ص:  >  >>