للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يواليهم من الكفار متأهبين مستعدين للقتال؛ لانتشار الخبر بوصول الجيش إلى أرضهم.

والوجه الآخر: أنه جائز أن يكون بعد إحراز الغنيمة، وكان ذلك في الوقت الذي كانت الغنيمة كلها للنبي -عليه السلام- فجعلها لمن شاء منهم، وذلك منسوخ بما ذكرنا.

فإن قيل: ذكر في حديث حبيب بن مسلمة: "الثلث بعد الخمس"، فهذا يدل على أن ذلك كان بعد قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (١).

قيل له: لا دلالة فيه على ما ذكرت؛ لأنه لم يذكر أن الخمس المستحق لأهله من جملة الغنيمة بقوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (١)، وجائز أن يكون ذلك على خمس من الغنيمة لا فرق بينه وبين الثلث والنصف، ولما احتمل حديث حبيب بن مسلمة ما وصفنا؛ لم يجز الاعتراض به على ظاهر قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}؛ (١) إذ كان قوله ذلك يقتضي إيجاب الأربعة الأخماس للغانمين، فاقتضى به إيجاب الخمس لأهله كاقتضائه إيجاب الخمس لأهله المذكورين، فمتى أحرزت الغنيمة فقد ثبت حق الجميع فيها بظاهر الآية، فغير جائز أن يجعل شيء منها لغيره على غير مقتضى الآية إلا بما يجوز بمثله تخصيص الآية، والله أعلم.

ص: فقال لهم الآخرون: إن الحديث إنما جاء في أن رسول الله -عليه السلام- كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث، فكما كان الربع الذي كان ينفله في البدأة إنما هو الربع قبل الخمس، فكذلك الثلث الذي كان ينفله في الرجعة هو الثلث أيضًا قبل الخمس وإلا لم يكن لذكر الثلث معنى.

قيل لهم: بل له معنى صحيح؛ وذلك أن المذكور من نفله في البدأة هو الربع مما يجوز له النفل منه، فكذلك نفله في الرجعة هو الثلث مما يجوز له النفل منه وهو الخمس.


(١) سورة الأنفال، آية: [٤١].

<<  <  ج: ص:  >  >>